61
حدود عرفات. مزدلفة. مني
تأليف: حسن الجواهري
الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي خير خلقه محمّد وآله الطّيبين الطاهرين وصحبه الميامين.
إنّ البحث الذي نريد الكتابة عنه هو بحثٌ تاريخيٌّ جغرافيٌّ يكون موضوعاً لأحكام شرعيّةٍ كثيرة، ألا وهو تحديد (عرفات، مزدلفة، مني) وقد ذكر الفقهاء الأحكام الكثرة الواردة علي هذه الموضوعات الثلاثة، ولإن كان الموضوع قد حدّده الشارع المقدّس في الروايات الواردة عن المعصوم (عليه السلام) ، إلاّ أنّ المصداق لهذا المفهوم لا بدّ من أخذه من أهل الخبرة في تعيين ما حدّده الشارع، وعلي هذا فنحن بحاجة:
أوّلاً: إلي ما حدّده الشارع المقدّس كمفهوم لهذه الألفاظ الثلاثة.
وثانياً: إلي تعيين هذه المواضع إمّا من شياع أهل الخبرة إذا اختلفوا في تعيين المصداق، أو لم يختلفوا حيث أنّه يفيد علماً أو اطمئناناً.
ولا يخفي أنّ القاعدة عند الشكّ في تعيين المصداق تقتضي الاقتصار علي القدر متيقّن؛ لقاعدة الاشتغال اليقيني الذي يستدعي الفراغ اليقيني، بمعني أنّ مشكوك الموقفيّة أو الموضعيّة يوجب الشك في الامتثال الذي حدّد في هذه الأمكنة، فتجري القاعدة.
ولا بأس بالتنبيه إلي أنّنا لا نبخل ببعض الاشكالات والأبحاث الفقهيّة التي تتعلّق بهذه الدراسة. فنقول وبالله التوفيق.
أوّلاً - حدود عرفات:
إنّ عرفات منطقة تقع شرقيّ مكّة بحوالي 22 كم وهي سهل واسع منبسط مُحاط بقوس من الجبال يكون وتره وادي عَرَفَة، فمن الشمال الشرقي يُشرف عليها جبل أسمر شامخ وهو (جبل سعد) ومن مطلع الشمس يشرف عليها جبل أشهب أقلّ ارتفاعاً من سابقه ويتّصل به من الجنوب وهذا يسمي (مِلْحه) ، ومن الجنوب تشرف عليه سلسلة لاطية سوداء تسمّي (اُمّ الرضوم) أمّا من الشمال إلي الجنوب فيمرّ وادي عَرَفَة (1) .
وقد ذكرت الروايات حدود عرفات ممّا يلي الحرم، حيث إنّه هو الذي يحتاج إلي تحديد، أمّا الجهات الثلاث الأُخري فكأنّها لا تحتاج إلي تحديد؛ لوجود سلسلة الجبال التي تقطع بين عرفات