52(صلّي الله عليه وآله وسلّم) كان سنة خمس من الهجرة، قاله محمّد بن حبيب وآخرون، وقال غيره: سنة سبع، وقال ابو عبيد: سنة تسع " 66.
وهذا الحديث يدل ايضاً علي وجوب الحج قبل سنة عشر وقد اخر رسول الله الحج الي سنة عشر، فيدل علي جواز التأخير وعدم وجوب الفور بالحج.
ثالثاً: جاء في الاحاديث المستفيضة "ان رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) امر في حجَّة الوداع من لم يكن معه هدي، الاحرام بالحج، ويجعله عمرة " وهذا صريح في جواز تأخير الحج مع التمكّن 67.
رابعاً: أن المكلّف إذا أخّر الحج - بعد الاستطاعة - من سنة الي سنة أو أكثر، ثم فعله، يسمي مؤدياً للحج لا قاضياًبإجماع المسلمين، ولو حرم التأخير لكان قضاءً لا أداءً 68.
خامساً: اذا تمكن المكلّف من الحج وأخره ثم فعله، لا ترد شهادته فيما بين تأخيره وفعله بالاتفاق، ولو حرم لردت لارتكابه المسيء69.
وكل هذه الادلّة التي تمسّك بها القائلون بالتراخي عليلة والتوضيح كالتالي:
أمّا الدليل الأوّل، فالجواب عنه بوجهين:
الأول: انه لم يثبت عندنا نزول فريضة الحج سنة ست، وقد روي أنها نزلت سنة عشر فلم يتخلّل بينها وبين حجّ رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) زمان تفوت معه الفوريَّة.
واما حديث كعب بن عجرة فلا دلالة فيه علي زمان النزول، وانّما الذي دل عليه الحديث قول كعب ان الآية نزلت فيه، ويمكن ان يريد بذلك أنّ الآية حينما نزلت - وان كان نزولها متأخراً عن الحديبيّة بسنين - نزلت فيه وفي امثاله ممّن يصابون بالعذر الذي أصيب به. وبعبارة اخري ان الظّرف لا يدلّ علي خصوص الظرفيّة الزمانيّة بل يصحّ ان يراد به الظرفيّة المورديّة، بل لعل الظرف بمعني المورد هو الظاهر في اكثر الروايات التي تحكي شأن النزول، وان كانت الظرفيّة الموردية كثيراً ما تقترن بالظرفيّة الزمانيّة لكن لا ملازمة بينهما.
الثاني: سلّمنا نزوول اصل فريضة الحجّ قبل عام حجّة الوداع بسنة أو سنين، لكن تشريع اصل فريضة الحج لا يعني وجوبها الفعلي علي المسلمين.
بل يتوقف وجوبها الفعلي علي تشريع تفاصيل مناسكه واجزائه وأركانه، ولم يكن يمكن الاكتفاء في بيان تفاصيل مناسك الحجّ بتفسيرها النظري، لكثرة مناسكه ودقّة أحكامه وكثرة فروعه وأهميّة الآثار المترتبة عليه بل كان من الضروري في تشريع تفاصيل مناسك الحج وتعليمها للمسلمين أن يقوم رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) ، بتفسير الحج تفسيراً عملياً تطبيقيّاً، وذلك بأنْ يحجّ بنفسه صلوات الله عليه وآله ومعه المسلمون عامّة ليتعلموا احكام الحج وفروعه الدقيقة الكثيرة من خلال المشاهدة العملية والمعايشة الميدانية.
وهذا ما قام به رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) في حجّة الوداع، ولم يكن من الممكن القيام بهذا الحج التشريعي قبل التطهير البيت والبقاع التي يراد اقامة الحج فيها لله من رجس وجود المشركين، ولم يطهر البيت والبقاع المباركة الا في سنة تسع عندما نزلت آية البراءة.
فقد روي الشعبي عن محرز بن أبي هريرة عن ابي هريرة قال: كنت انادي مع علي (عليه السلام) حين اذن المشركين، فكان اذا صحل صوته فيما ينادي دعوت مكانه قال: فقلت يا أبت أيّ شيء كنتم تقولون؟ قال: كنا نقول: لايحج بعد عامنا هذا مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل البيت إلاّ مؤمن، ومن كانت بينه وبين