129قال الله تعالي حاكيا عن إبراهيم (عليه السلام) : الحمد لله الذي وهب لي علي الكبر إسماعيل وإسحق إن ربي لسميع الدعاء 39/14.
وقال تعاالي: وباركنا عليه وعلي إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين 113/37.
والآيتان تفيدان أنَّ عقب إبراهيم من إسماعيل وإسحق.
قوله تعالي: وباركنا عليه وعلي إسحق الضمير في كلمة (عليه) يعود إلي إسماعيل.
والبركة علي إسماعيل وإسحق هي جعل كل منهما نبيا رسولا إماما يهدي بأمر الله تعالي.
قوله تعالي: ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين تفيد وجود متبع لملة إبراهيم في ذرية كل منهما حابس نفسه عليها، اصطفاه الله واستخلصه لنفسه وجعله إماما يهدي بأمره.
3: إسحق والهداة من ذريته نافلة:
ولد لاسحق ولدان هما يعقوب وعيسو ولقب ب- (ادوم) وكانا توأما (14) واصطفي الله تعالي يعقوب دون أخيه وجعله نبيا وإماما وجعل في ذريته النبوة والكتاب.
قال تعالي: ونجيناه ولوطا إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين. ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلاّ جعلنا صالِحين. وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين 71 - 73/21.
قوله تعالي: ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة .
النافلة والنفل: ما كان زيادة علي الأصل (15) وصلاة النافلة في قبال صلاة الفريضة، وكذلك كل عبادة مستحبة من صوم وحج قبال الحج الواجب والصوم الواجب.
ويفهم من قوله تعالي: وامرأته قائمة فضحكت فبشَّرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب 71/11 أن البشري كانت بهما سوية وعلي هذا فإنهما قد وهبا معا لابراهيم نافلة أي زيادة علي الأصل، وكل الأنبياء وأئمة الهدي من ذرية يعقوب تشملهم صفة النافلة في قبال الأصل.
فما هو الأصل الموهب لإِبراهيم (عليه السلام) ؟
4: إسماعيل والهداة من ذريته هم الأصل:
من الثابت قرآنيا وتوراتيا أن الموهوب لابراهيم أوّلا هو إسماعيل، ثم الأمة المسلمة والنبيّ المبعوث فيها كوعد إلهي ولمن يُخلف الله وعده وقد ورد هذا الوعد في القرآن بصيغة الدعاء من إبراهيم وإسماعيل، وفي التوراة بصيغة إجابة الدعاء، وبذلك يكون الأصل هو إسماعيل والهداة من ذريته أي أن الله تعالي جعل إمامة إبراهيم في إسماعيل، ثم في اْلأُمّة المسلمة من ذريته والنبيّ المبعوث فيهم وذلك بموجب قوله تعالي: إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين وقوله تعالي حاكيا دعاء إبراهيم وإسماعيل عند رفع القواعد من البيت: . . . ومن ذريتنا أمة مسلمة لك. . . ربنا وابعث فيهم رسولا منهم. . . وفرض علي الناس الأخذ بذلك والاعتقاد به ولا بد أنها قد ذكرت في الصحف النازلة علي إبراهيم شأنها شأن كتب الله في ذكر طرف مهمة من أخبار الأنبياء السابقين والموعود بهم ثم بُيِّنت من قبل إبراهيم نفسه ونحن نذكر أولا النص القرآني ومن بعده النص التوراتي. كما يلي: