14بإطعامه، والإنعام عليه، فلو كان هذا اللفظ بمعنى رقّة القلب فلا يمكن وصف الله سبحانه به؛ لأنّ رقّة القلب وتأثره بالحوادث محال على اللهسبحانه، لتنزّهه عن الأنفعال.
ونظير ذلك وصفه سبحانه بالغضب، فإنّ الغضب عبارة عن فوران الدم في القلب يوجب تشنّجاً في أعضاء الإنسان، تهيّؤاً للانتقام، واللهسبحانه فوق ذلك؛ لأنّ الانفعال من صفات المادّة، والله فوقها.
ومع ذلك فقد ورد في الذكر الحكيم قوله سبحانه: ( يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّٰهُ عَلَيْهِمْ). 1
والجواب عن الموردين - الرحمة بمعنى رقّة القلب، والغضب بمعنى فوران الدم - ونظائرهما واحد، وهو مايقال: خذ الغايات واترك المبادئ.
توضيحه: أنّ رقّة القلب تكون مبدءاً للتفضّل والإحسان، كما أنّ الغضب يكون سبباً لإيقاع العقوبة والتعذيب، فوصفه سبحانه بهما لأجل الغايات، وهو أنّه متفضّل بالإحسان بالنسبة إلى عباده، أو آخذ بالعقوبة لمن خالفه وجادله.
فكلّ وصف يكون فيه مبدءٌ مادي وانفعالي، ومع الوصف يكون له غاية تناسب الله تبارك وتعالى، فوصفه به إنما هو لأجل النتيجة، لا لأجل المبدء.