34
6. ما هو ملاك الكفر والإيمان؟
إذا كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله مبعوثاً من قبل الله سبحانه وموحى إليه، فيجب الإيمان بكلّ ما جاء به، ولا يصحّ التبعيض بأن يؤمَن ببعض ويُكفر ببعض، فإنّ ذلك تكذيب للوحي، غير أنّ ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله في مجال المعارف والأحكام لمّا كان واسعاً مترامي الأطراف لايمكن استحضاره في الضمير ثم التصديق به، فلذلك ينقسم ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله إلى قسمين; قسم منه معلوم بالتفصيل كتوحيده سبحانه والحشر يوم المعاد ووجوب الصلاة والزكاة، وقسم آخر معلوم بالإجمال وهو موجود بين ثنايا الكتاب وسنّة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، فلا محيص من الإيمان بما علم تفصيلاً بالتفصيل، وبما علم إجمالاً بالإجمال، هذا هو الموافق للتحقيق وما عليه المحقّقون.
قال عضد الدين الإيجي (المتوفّى 756 ه-) : الإيمان عندنا وعند الأئمة كالقاضي والأُستاذ: التصديق للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة، فتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً. ()
وقال السَّعد التفتازاني (المتوفّى 793 ه-) : هو تصديق النبي فيما علم مجيئه به بالضرورة أي فيما اشتهر كونه من الدين بحيث يعلمه من غير افتقار إلى نظر واستدلال كوحدة الصانع ووجوب الصلاة وحرمة الخمر ونحو ذلك، ويكفي الإجمال فيما يلاحظ إجمالاً، ويشترط التفصيل فيما يلاحظ تفصيلاً حتّى لو لم يصدّق بوجوب الصلاة وبحرمة الخمر عند السؤال عنهما كان كافراً، وهذا هو المشهور وعليه الجمهور.
ما يجب الإيمان به تفصيلاً
إن الّذي يجب الإيمان به تفصيلاً هو عبارة عن الأُمور التالية: