30وعلى هذا فالتسلّح بالغوّاصات والأساطيل البحرية والطائرات المقاتلة من مصاديق القوّة ولايُعدّ بدعة، بل يُعدّ تجسيداً لهذا الأصل.
وبما ذكرنا تقف على أنّ كثيراً من الأُمور الّتي يصفها الوهابيون بأنّها من البدعة ليس منها، فإنّ لها أُصولاً في الكتاب والسنّة، ونشير إلى بعض الموارد:
يقول محمد حامد الفقي: والمواليد والذكريات الّتي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم.
وقد تبع الرجل مبدع مسلكه، قال ابن تيمية حول الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف: إنّ هذا لميفعله السلف مع قيام المقتضي وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً، لكان السلف أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله صلى الله عليه وآله، وتعظيماً له منّا وهم على الخير أحرص.
وقد تخبّط الرجلان، أمّا الأوّل فقد عدّ الاحتفال بمولد النبي، عبادة للنبي صلى الله عليه وآله، وقد قلنا: إنّ من مقوّمات العبادة الاعتقاد بأُلوهية النبيّ صلى الله عليه وآله أو ربوبيته أو كون مصير المحتفل بيده، وليس شيء من ذلك في الاحتفالات، وإنّما يقام الاحتفال لتكريم رجل ضحّى بنفسه ونفيسه في طريق توحيده سبحانه، فكيف يكون عبادة له؟ !
وأمّا الثاني (ابن تيمية) فقد ابتدع في تعريف البدعة حيث جعل الميزان في الحلال والحرام عمل السلف، وهذا هو البدعة بعينها، فإنّ الميزان هو الكتاب والسنّة لا عمل السلف.
أضف إلى ذلك: أنّ الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله تجسيد لحبّه الّذي دعا إليه الكتاب والسنّة; أمّا الكتاب فقوله سبحانه: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
«لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده والناس أجمعين» .