22
3- العبادة: هي الخضوع أمام من يعتقد بأنّه يملك شأناً من شؤون وجوده.
ليس مجرد الخضوع عبادة إلاّ إذا كان نابعاً من الاعتقاد الخاصّ بأنّ المخضوع له يملك شأناً من شؤون حياة الخاضع في الدنيا والآخرة.
وعلى هذا فالعبادة قائمة بأمرين:
1. ما يرجع إلى الجوارح وهو الخضوع بالرأس واليد والكلام وغيرها.
2. ما يرجع إلى الجوانح وهو الاعتقاد الخاصّ بأنّ المخضوع له إله أو رب أو بيده شأن من شؤون حياته في الدنيا والآخرة.
ومن أفضل ما عُرّفت به العبادة هو ما ذكره ابن عاشور، حيث قال: إظهار الخضوع للمعبود واعتقاد أنّه يملك نفع العابد وضُرّه ملكاً ذاتياً مستمراً، فالمعبود إله كما حكى الله قول فرعون: وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ، .
دعاء الصالحين ليس عبادة لهم.
إنّ دعاء الصالحين على قسمين وإن كان أوّلهما غير موجود بين المسلمين:
1. دعاؤهم والخضوع لهم بما أنّهم آلهة أو أرباب أو أنّ بيدهم مصير الداعي في الدنيا والآخرة. ولا شكّ أنّ الدعاء بهذا القيد عبادة لهم، ولكن لا تجد على أديم الأرض مسلماً يدعو الصالحين بأحد هذه الأوصاف.
2. دعاؤهم بما أنّهم عباد صالحون وبما أنّ لهم منزلة عند الله، يستجاب دعاؤهم وتقبل شفاعتهم، والدعاء بهذا المعنى نوع توسّل بأحد الأسباب الّتي دعا إليها القرآن الكريم وقال: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً .
فلو قال القائل: إنّ الآية ناظرة إلى حياة النبي صلى الله عليه وآله، ولا صلة لها بما بعد موته؟
قلنا: أوّلاً: نمنع اختصاص الآية بحياة النبي صلى الله عليه وآله، بل تشتمل الآية لما بعد الرحيل بشهادة السيرة المستمرة بين المسلمين.