21
1- العبادة هي الخضوع الناشىء عن الاعتقاد بأُلوهية المعبود.
فالذي يميّز العبادة عمّا يشابهها هو الاعتقاد الخاصّ بأنّ المعبود إلهٌ، سواء أكان إله العالمين أو إلهاً مختلقاً في الواقع وإن لم يكن كذلك في نظر مَن يعبده، وهذا القيد يُدخل كلّ عبادة صحيحة وباطلة تحت التعريف. أمّا الصحيحة فواضحة لأنّ المؤمن يخضع عن اعتقاد بأنّ المخضوع له إله العالمين، وأمّا عبادة الوثني فهو يخضع بتصوّر أنّ الوثن إله صغير مخلوق لإله أكبر، ولذلك لمّا دعا النبي صلى الله عليه وآله إلى الإله الواحد، استغرب المشركون وقالوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ .
ويدلّ على ما ذكرنا من القيد قوله سبحانه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهُ ، فقوله: مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهُ ، بمنزلة التعليل وهو أنّ العبادة خاصّة للإله ولا إله إلاّ الله.
وقد أثبتنا في محلّه أنّ الإله يساوق لفظ الجلالة في المعنى غير أنّ الثاني علَم، والإله اسم جنس يعمّ الإله الصادق والإله الكاذب، وأنّ ما اشتهر بأنّ الإله بمعنى المعبود فإنّما هو تفسير باللازم لا أنّه معناه، بل المتبادر منه ما هو المتبادر من لفظ الجلالة ويفترقان بالكلّية والعلَمية.
2- العبادة: هي الخضوع لشيء على أنّه ربّ.
العبادة عبارة عن الخضوع النابع عن أنّ المخضوع له ربّ الخاضع، المالك لشؤونه، المتكفّل بتدبيره وتربيته، وهما من صفات الربّ، فربّ الدار وربّ الضَّيعة وربُّ الفرس مسؤول عن تربية المربوب وتدبيره.
ويدلّ على ما ذكرنا من القيد قوله سبحانه: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ . فقوله: وَأَنَا رَبُّكُمْ ، بمنزلة التعليل للعبادة، ويثبت أنّها من شؤون الربّ، ولا ربّ إلاّ الله سبحانه فهو ربّ العالمين وربّ الآلهة المكذوبة.