20
كلمات المفسّرين:
1. قال صاحب المنار: العبادة: ضرب من الخضوع، بالغ حد النهاية، ناشئٌ عن استشعار القلب عظمة المعبود لا يعرف منشؤها، واعتقاد بسلطة لا يدرك كنهها وماهيتها.
ولا يخفى أنّ التعريف غير جامع ولا مانع، أمّا الأوّل فإنّ بعض مصاديق العبادة يفقد الخضوع الشديد ولا يكون بالغاً حدّ النهاية، كصلوات الناس العاديّين والعوام منهم، مع أنّ عملهم عبادة.
وأمّا الثاني فربّما يكون خضوع العاشق أمام معشوقته والجندي أمام ضابطه، أشدّ خضوعاً ممّا يقوم به كثير من المؤمنين تجاه ربّ العالمين، ولا يوصف خضوعه بالعبادة.
2. قال شيخ الأزهر: العبادة خضوع لا يحدّ لعظمة لا تحدّ.
ويرد عليه ما أُورد على التعريف الأوّل.
إلى غير ذلك من التعاريف الّتي لا تنطبق على واقع الأمر، وهؤلاء هم ملائكة الله قد سجدوا لآدم وخضعوا له نهاية الخضوع ومع ذلك لم يخرجوا عن حدّ التوحيد قيد شعرة، وهؤلاء أبناء يعقوب ووالداهم سجدوا ليوسف، كما قال سبحانه: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ، ولم يشركوا بربّهم.
وعلى هذا فلابدّ أن تحدَّد العبادة حدّاً منطقياً جامعاً للأفراد ومانعاً للأغيار، حتّى يقطع أي عذر للوهابيّين حيث يعدّون كلّ خضوع وخشوع للأنبياء والأولياء أو أيّ دعاء لهم، عبادة لهم.
وأنت إذا زرت الحرمين الشريفين فستقرع أسماعك كلمات الشرك والبدعة أكثر من كلّ الكلمات، وكأنّه ليس في كيس القوم إلاّ أمران: الشرك والبدعة.
التعريف الصحيح للعبادة:
قد وقفت على أنّ التعاريف المارّة عليك ليست بجامعة ولا مانعة، واللازم في تعريف العبادة هو التعرّف على القيود المأخوذة في تعريفها، إذ ليست العبادة مجرد الخضوع بل الخضوع النابع عن اعتقاد خاص، وهذا هو الّذي يميّز العبادة عن التكريم والاحترام، فنقول: