92المسجد الحرام، والمسجد قبلة من كان فيالحرم، والحرم قبلة من نأى من أي جانب كان، وهو شطر المسجد وتلقاؤه، وقراءة أبي «ولكلٍّ قبلةً» إشارة الى ما ذكرناه.
وقوله تعالى: « هو مولّيها» أي هو موليها وجهته، فحذف أحد المفعولين، وقيل: هو اللّٰه أي اللّٰه مولّيها إياه على أن القراءة العامة يجوز أن يراد بها ذلك أيضاً، ويكون المعنى ولكلٍّ منكم يا أمة محمّد وجهة أي جهة تصلي اليها جنوبية أو شمالية أوشرقية أو غربية، أينما تكونوا يجعل صلاتكم كأنها الى جهة واحدة، وكأنكم تصلون حاضري المسجد الحرام 1.
وبعد هذا فقد أستطيع أن أقول: إن الشطر - اصطلاحاً - الذي يعيّن القبلة كما قلنا قد يُراد به أو قد يصدق إطلاقه - تبعاً لاختلاف أماكن المسقبلين بعداً أو قرباً عن الكعبة - على:
(1) جهة المسجد أو ناحيته، كما هو لغةً وتفسيراً.
(2) المسجد الحرام نفسه كما هو الوارد في الآيات صريحاً.
(3) عين الكعبة نفسها، باعتبار أن الخطاب الوارد في آيات القبلة أطلق على الكلِّ المسجد الحرام وأريد به أهم وأقدس أجزائه وهو الكعبة المباركة.
وهذا الأخير فيه تفصيل:
* ما إذا كان المصلي داخل المسجد وقريباً من الكعبة، فيجب عليه التوجه نحوها، فهي قبلة لمن شاهدها أو كان في حكم المشاهد لها كالأعمى. .
* عليه بعين الكعبة سواء أكان قريباً أم بعيداً، ولكنّ الفرق بين القريب والبعيد - كما عند بعضهم - هو أن القريب يجب عليه أن يحرز - يقيناً - التوجه نحو عينها. وأما البعيد فإن أمكنه العلم باستقبال عينها لا جهتها تعيّن عليه ذلك، وإلّا يكفيه الظنُّ، وشرطية الظن هذه لم يقبلها المحقق الكركي حيث يقول: «إن البعيد لا يشترط لصحة صلاته ظنّه محاذاة الكعبة؛ لأن ذلك لا يتفق غالباً، فإن البعد الكثير