80فبعد تعريفه لمسجد النابغة قام بنقل كلامابنشبّة، الذيذكر فيه أنَّ دار النابغة تضم كذلك قبر عبداللّٰه كما أشرنا 1.
إلّا أنَّ أيّاً من مُؤرخَي المدينة هذين، وبعض آخر من الكُتّاب في القرون المختلفة، لم يتطرّق الىٰ مسألة قبر عبداللّٰه علىٰ أنّها موضوع مُستقلّ.
إنَّ ما يُمكن الوصول إليه من خلال تلك الأقوال والآراء هو أنَّ الرسول صلى الله عليه و آله بعد هجرته من مكة الى المدينة، ومع مشاغله الكثيرة ومهامّه الصعبة لم يَنْسَ دار النابغة علىٰ أنها قبر والده عبداللّٰه أبداً، وكان إضافة الىٰ ذلك ينوّه بين الفينة والفينة إلىٰ أهمية هذا المكان وتأريخ القبر وما الىٰ ذلك، وكان غالباً ما يُصلّي عند ذلك القبر، وهي حقيقة اعترف بها مؤرخو القرون الأولى للهجرة، إلّاأنَّ الاتجاه نحو كون هذا المكان مسجداً غَلَبَ علىٰ صفة تلك الدار باعتبارها مرقداً أو ضريحاً، وهو تحريف لحقائق تأريخية سواءٌ أكان مقصوداً أو غير مقصود.
بناء مكان قبر عبداللّٰه وتخريبه:
ليس واضحاً لدينا ما إذا كان البناء الذي يضمّ قبر عبداللّٰه ومسجد النابغة قبل القرن العاشر بهذا الشكل الذي نراه اليوم أم لا. إلّاأنَّ الفترة التي تلت ذلك التأريخ كشفت عن بناء مهيب وراقٍ نسبياً علىٰ قبر عبداللّٰه، قام به بعض السلاطين العثمانيين، ثم بنوا ضريحاً عليه وأقاموا عنده محراباً؛ لكي يتمّ بذلك الحفاظ علىٰ كلا عنواني المكان باعتباره مقبرة ومسجداً. وكانت تلك البقعة الطاهرة ملاذاً وموئلاً للزائرين وموضع تقدير كتّاب تلك الفترة، الذين تطرقوا الىٰ ذكر تفاصيلها.
ومع تهديم وتخريب كافة البقاع والأماكن داخل وخارج البقيع، إلّاأنَّ مقبرة عبداللّٰه ظلّت صامدة حتىٰ عام (1976) حيث قاموا بَسدّ الباب الداخل الى المقبرة بالصخر والآجر، ولم يكن هناك سبيل للدخول إليها.
وقد قمتُ مع جمع من الزائرين بزيارة تلك البقعة الشريفة، الواقعة داخل زقاق ضيق، وكان ذلك عام (1975) أثناء تأدية مناسك حجّ التمتّع، وقد تمّت تلك الزيارة من خارج بابها، وعند تشرّفي بالعمرة بعد عدة شهور