75أبي؟ قال: في النار، فلمّا قفىٰ دعاهُ، إنَّ أبي وأباكَ في النار!» 1.
حادثة زيارة الرسول صلى الله عليه و آله لقبر والدته وتحريف ذلك:
ورد أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله توقّف في «الأبواء» عند قبر اُمّه «آمنة» بعد عودته من فتح مكّة ورجوعه الى المدينة. فجلسَ عند رأسها، وبعد استذكار تضحياتها ومشاقّها، لم يتمالك نفسه، وشرعَ بالبكاء حتىٰ تأثر أصحابه وشاركوه بالبكاء والنحيب.
وقد لاحظ الصحابة جميعهم يومئذ أحاسيسه وعواطفه تجاه اُمّه في ذلك المشهد المُعَبِّر والمؤثّر، ومدىٰ احترامه وتقديره لها ولجهودها التي بذلتها في سبيله. وما كان لمشهد مؤثّر وحسّاس كهذا أن يُنسىٰ بالسهولة التي يشتبهها البعض خصوصاً في ظروف كتلك التي هيّأت له هذا الأمر وبحضور آلاف مؤلّفة من المسلمين وقتئذ من الذين يُرافقونه في هذه الرّحلة، ولم تكن حادثة عابرة يمكن للتأريخ أن يطوي صفحتها دون وضع بصمات لها على الصفحات التالية. إلّاأننا نرىٰ، مع الأسف الشديد، تدخل أيدٍ ماهرة تمكّنت من تحريف الواقعة والتصرّف فيها خدمةً لأغراضهم الشخصية، تماماً كما حصل لحادثة «الغدير» وهي أشهر من نار علىٰ علم، عندما اجتهدوا فيما تعنيه كلمة «مولىٰ» المذكورة في تلك الحادثة، وادّعوا قائلين: إنَّ مسألة زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله قبرَ اُمّه وبكاءه عندها وإبكاءَ صحابته كذلك لا غُبار عليها، إلّا أن تصرف الرسول صلى الله عليه و آله هذا لم يكن دليلاً علىٰ إيمان اُمّه. أو شاهداً علىٰ أنها كانت مُوحّدة، والدليل علىٰ ذلك أنَّ النبيّ صلى الله عليه و آله ذكر عبارة بعد هذه الحادثة مباشرة دلَّت دلالة واضحة علىٰ شرك اُمّه وكفرها وهو ما يؤيّده الحديث التالي (بزعمهم) :
«عن أبي هريرة قال: زار النبيّ صلى الله عليه و آله قبر أمّه فبكىٰ وأبكىٰ من حوله، فقال استأذنتُ ربّي في أن استغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذِنَ لي، فزوروا القبور فإنّها تذكّر الموتَ» .
وقد وردَ هذا الحديث المنقول عن أبي هريرة في صحيح مُسلم 2وسنن