66* قال تعالىٰ: ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا اللّٰه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً. . .) .
الصورة التي نواجهها الآن، تنتسب - كما قلنا - إلى (التشبيه) ، . . . والتشبيه نمطان: مجازي وواقعي، ويُقصد بالأول ما تُرصد به العلاقة بين طرفين لا واقع لهما كتشبيه السفن بالجبال في قوله تعالى: ( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) 1حيث لا علاقة واقعية بينهما، وهذا بعكس التشبيه الواقعي وهو التشبيه الذي نحن في صدده ( فاذكروا اللّٰه كذكركم آباءكم. . .) حيث إنّ استحضار دلالةٍ ما (كذكر اللّٰه تعالى) في الذهن وممارسة ذلك لفظياً، أو استحضار (ذكر الآباء) في الذهن وممارسته لفظياً أمرٌ واقعي، لم تُستحدَث علاقة مجازية بينهما. . .
من زاوية اُخرى، ينشطر التشبيه إلى نمطين: التشبيه المتكافئ وهو ما يتكافأ طرفاه في الدلالة على شيءٍ ما، كالتشبيه الذي لاحظناه بالنسبة إلى السفن والجبال، أو تشبيه (ذكر اللّٰه تعالى) بذكر الآباء، حيث يتماثل أو يتساوى طرفا التشبيه دون تفاوت بينهما. . . وأمّا النمط الآخر من التشبيه فيمكن تسميته ب (التشبيه المتفاوت) وهو ما يشير إلى (الأعلى) أو (الأدنى) من الطرف الآخر، وهو قوله تعالى ( أو أشدّ ذكراً) ، حيث أشار النصّ إلى أن يذكر اللّٰه تعالى بنحو (أشدّ) من ذكر الآباء، أي: أعلى درجة منه. . . المهم: أنّ الآية الكريمة ( فاذكروا اللّٰه كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً) تنطوي على نمطي التشبيه: المتكافئ والمتفاوت، ومن ثم فإنّ الأهمّ من ذلك هو ملاحظة الأسرار الفنية وراء النصّ التشبيهي المذكور. . .
تقول النصوص المفسّرة بما مؤدّاه: إنّ الناس كانوا إذا فرغوا من الحج، ذكروا آباءهم ومفاخرهم؛ لذلك أمرهم اللّٰه تعالى بأن يذكروا اللّٰه تعالى على نحو ذِكرهم لآبائهم أو أشدّ ذكراً. . .
سرّ ذلك، أن الحاجة إلى (تأكيد الذات) من جانب، والحاجة إلى (الانتماء الاجتماعي) من جانب آخر، مضافاً إلى الأعراف الاجتماعية التي تغذّي الحاجتين