267دية الحليف. والذي جرى عليه العرب أن يأخذوا مائة من الإبل دية القتيل من عامتهم، ودية الأشراف تزيد عن ذلك، بينما تكون دية الملوك ألف بعير.
أما إذا لم يحصل القَوَد، ولم يرضَ ذوو القاتل أو عشيرته بدفع الدية، ويكون القاتل قد لاذ بالفرار، عندئذ يصبح الأخذ بثأره واجباً محتماً، إذ يصمم ولي المقتول، ويكون عادةً أقرب الناس إليه، على الأخذ بثأره، وغالباً ما يحرم على نفسه أن يشرب الخمر أو يقرب النساء أو يمس رأسه غسل حتى يدرك ثأره 1، وقد يستغرق طلب الثأر عشرات السنين.
والعرب يعتقدون أن القتيل تخرج من رأسه هامة تنادي على قبره (اسقوني فإني صدية) ، ولا ينقطع نداؤها إلّاحين يؤخد بثأره 2.
وحتى أدرك أولياء القتيل ثأرهم، ورأوا أنّ من قتلوه كفؤ لقتيلهم، نام الثأر في صدورهم، وعندئذ يسمى (الثأر المنيم) . أما الذي يتوانى عن طلب الثأر لقتيله فيلحقه العار. وقد يلحق العار القبيلة بأسرها إذا نامت عن ثأرها ولم تسعَ إليه، فينظر العرب إليها نظرة ازدراء واحتقار. وحتى من يقبل دية قتيله ينظر إليه بمثل هذه النظرة. وكثيراً ما يتولد عن الانتقام للدم المسفوح ثأر جديد، يجرُ وراءه سلسلة من الثارات المتبادلة، أشبه ما يكون بالحلقة المفرغة وقد يستغرق ذلك أجيالاً. كما قد تسوى الأمور، بأن يسلّم القاتل طوعاً أو كرهاً الىٰ أهل القتيل كي يقتلوه به، فلا يبقى مجال لطلب الثأر. لكن القبيلة التي تفعل ذلك تكون قد جلبت على نفسها عاراً لا يمحى.
لذلك فإنّ القبائل تفضل أن تقتل القاتل بدلاً من تسليمه طوعاً للمطالبين به، دفعا للعار.
وقد تتفق قبيلتان متحاربتان على تسوية الثارات بينهما لحقن الدماء فترضيان بالتحكيم، يتولاه شخص معين أو هيئة محكمين، يرضى بهم الطرفان، يحكمون بأن تدفع القبيلة التي يكون قتلاها أقل من الثانية فضل الديات لها. وقد