21أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي عُمير، عن أبي علي صاحب الأنماط، عن أبان بن تغلب قال:
«لمّا هَدّم الحجّاجُ الكعبة فرّق الناس ترابها، فلمّا صاروا الى البناء فأرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حَيّة فمنعت النّاس البناء، حتّى هربوا فأتوا الحجّاج فأخبروه، فخاف أن يكون قد مُنع بناؤها، فصعد المنبر ثم نشد الناس وقال:
أنشد اللّٰه عبداً عنده مما ابتلانا به علمٌ لما أخبرنا به.
قال: فقام اليه شيخٌ فقال: إن يكن عند أحدٍ علمٌ فعند رجلٍ رأيته جاء الى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى!
فقال الحجاج: من هو؟
فقال: علي بن الحسين عليهما السلام.
فقال: هو معدنُ ذلك، فبعث الىٰ علي بن الحسين عليه السلام فأتاه فأخبره ما كان من منع اللّٰه إيّاه البناء.
فقال له علي بن الحسين عليه السلام: ياحجّاج! عمدتَ الىٰ بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق وأنميته، كأنك ترى أنه تراثٌ لك، اِصعد المنبر وأنشد الناس أن لا يبقى أحدٌ منهم أخذ منه شيئاً إلّاردّه.
قال: ففعل وأنشد الناس أن لا يبقى منهم أحدٌ عنده شي إلّاردّه فردّوه، فلمّا رأى جميع التراب علي بن الحسين عليه السلام فوضع الأساس وأمرهم أن يحفروا منه فتغيّبت عنهم الحيّة، وحفروا حتى انتهوا الىٰ مواضع القواعد.
قال لهم: تنحّوا، فتنحوا فدنا منها فغطّاها بثوبه ثم بكى، ثمّ غطّاها بالتراب بيد نفسه، ثمّ دعا الفعلة فقال: ضعوا بناءكم فوضعوا البناء، فلمّا ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقلب في جوفه، فلذلك صار البيت مرتفعاً يُصعد اليه بالدرج» 1.
الفصل الثاني
«علة بناء الكعبة المشرفة، وبدء الطواف بها، وفضلها، وذكر صفة الكعبة المُعظّمة، وطولها وعرضها وارتفاعها من خارجها وداخلها، وسقفها وأساطينها وغلظ جدارها، وبابها وسلميها الداخل والخارج،