195من أموالهم الخاصّة، وهم يتبعون قوادهم ويطيعونهم طاعة عمياء، ويتحمّلون جميع أصناف الشقاء والمشقّة، ويتّبعون شيوخهم إلى أقصى المعمورة (28) .
ورغم هذا، فإنّ علي بك لا ينسى إبداء اندهاشه؛ لأنّ أهالي مكة وبقيّة الحجّاج لم يوافقوه على بعض آرائه الايجابية بالنسبة لهؤلاء القادمين الجدد، ولكنّه يسجّل أنّ الوهابيين قد دمّروا وهدّموا جميع المساجد التي خُصصت لذكرى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم وأهل بيته. وقد هدّم سعود قبور الأولياء والصالحين من الصحابة وأبطال الإسلام الذين كان الناس يحترمونهم، وهدّم قصر السلطان الشريف أيضاً، ولم يُبقِ من تلك الأبنية إلّاالخرائب والأطلال (29) .
أمّا في المدينة المنوّرة فقد علم علي بك أنّ جميع الزخارف، التي أحاطت بقبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد أتلفت، خلال نوبات من الحماس المتزمّت، حتى لم يبق شيء من ألوانها الزاهية الفخمة (30) .
أمّا في الشؤون الدينية فقد ألغيت وحُرّمت التقاليد القديمة، التي كان الحجّاج يتقيّدون بهاجيلاً بعدجيل بإخلاصوتفانٍ، ومُنعت زيارة القبور. وفي جدّة ظهرت قوّة جديدة من الشرطة، وهم مسؤولون عن تذكير الناس بالصلوات الخمس وإجبارهم على أدائها، وكانوا عراة الأجسام، وفي يد كلّ منهم عصاً غليظة، وقد أمروا أن يصرخوا ويوبخوا الناس، ويسحبوهم قسراً من أكتافهم، حتّىٰ يشتركوا في الصلوات العامة خمس مرّات في اليوم، وقد تولّى رجال مسلّحون حراسة أماكن قبور الأولياء والصالحين، ومنع الناس من الدخول إليها (31) .
الجنرال باديا. . في خدمة نابليون!
حرص هذا اليهودي الداهية على التظاهر بأنّه الأمير المكرّم، والعالم المحترم، والحاج الورع الموقّر. . وكان في ظاهره عربيّاً قحاً، ومسلماً حقّاً، لا تعيقه كلمة يقولها، ولا تخونه فعلة أو إشارة، فما شك أحد في دينه أو في نسبه!