166وأعظم الطقوس الجماعية عندهم هي تقديم القرابين، فالقربان عند الهندي ليس مجرّد صورة خاوية؛ لأنّه يعتقد أنّه إذا لم يقدمه للآلهة طعاماً تموت جوعاً. ولما كان الإنسان في مرحلة أكل اللحوم البشرية، كانت القرابين في الهند كما في غيرها من بلاد العالم قرابين أو ضحايا بشرية. . فلمّا تقدّمت الأخلاق أخذت الآلهة تكتفي بالحيوان قرباناً 1.
وهناك مركز رئيسي للحج عند الهنود منذ القرن 16 ق. م وهو مدينة بنارس الجليلة القدر عندهم، كعبة يحجّون إليها سنوياً يقدّسها البوذيون والچين، ويقصدها سنوياً حوالى مليون حاج؛ لزيارة معابدها وأضرحتها التي تمتد 65كم بموازاة الجانج، وبها المعبد الذهبي 2.
يقول وِل ديورانت في شأن هذه المدينة:
«. . وبنارس هي المدينة المقدّسة للهند، إذ باتت كعبة الملايين من الحجّاج، يؤمّها الشيوخ من الرجال والعجائز من النساء جاءوا من كل أرجاء البلاد؛ ليستحموا في النهر المقدّس (نهر الكنج) حتى يستقبلوا الموتىٰ برآء من كل إثم أطهاراً من كلّ رجس. إنّ الإنسان ليأخذه الخشوع، بل يأخذه الفزع، حين يتذكّر أنّ أمثال هؤلاء الناس قد حجّوا إلى بنارس مدى ألفي عام، وغمسوا أنفسهم في مياهها، وهم يرتعشون من لذعة البرد في فجر الشتاء، وشمّوا بنفس متقززة لحم الموتىٰ وهو يحترق، فعلوا كلّ ذلك وهم يفوهون بنفس الدعوات التي كان يقينهم أن تجاب، فعلوا ذلك قرناً بعد قرن، وتوجّهوا بالدعاء إلى نفس الآلهة التي لبثت على صمتها، لكن عدم استجابة إلٰه من الآلهة لا يحول دون تعلّق القلوب به، فلا تزال الهند تعتقد اليوم بنفس القوّة، التي كانت تعتقد بها في أي عصر مضىٰ في الآلهة، الذين لبثوا كلّ هذا الزمن ينظرون إلىٰ فقرها وبؤسها، فلا تأخذهم من أجلها رحمة 3. وما زال السيخ يحجّون إلى هذا المعبد 4.
هذا نموذج لحج الهند القديمة، وإذا تقدّمنا في الزمن بعيداً من ذلك التاريخ. .