152وأفعال وممارسات وطقوس محدّدة يعرفها المنتسبون لتلك الديانات. . يأتون في وقت محدّد وعلى جماعات، أَليس ذلك هو الحج؟
إنّ الحج وإن اختلف بين حضارة وحضارة ودين ودين، يبقى مرجعه ومحوره النموذجي هو الحج الذي فرضه اللّٰه تعالى على عباده.
والمحور النموذجي والمرجع الحقيقي لكل حج في تاريخ الإنسان هو حج الأنبياء والرسل وحج إبراهيم عليه السلام الذي دعا الناس بأمرٍ من اللّٰه تعالى لأوّل بيت مقدّس علىٰ وجه الأرض، إلى أوّل بيت من بيوت اللّٰه جُعل للهداية ولغفران الذنوب، وهو بيت اللّٰه العتيق في مكّة المكرّمة، قال تعالى: إنّ أوّل بيت وضع للناس للذي ببكّة مباركاً وهدًى للعالمين 1.
أي: جعل هذا البيت لجميع الناس، ولجميع الأديان، منذ خلقه اللّٰه تعالى حتّىٰ يقوم الحساب، ولم يخصّصه لفئة معيّنة أو لدين معيّن؛ لأنّ الدعوة إلى الدين، مصدرها الواحد الأحد لا غير، فالخالق واحد، والدعوة إلى الهدىٰ في جميع الأديان السماوية التوحيدية واحدة أيضاً، ولا يمكن أن يفرق بين عباده، بأن يجعل لأحدهم بيتاً مباركاً ذا رحمة وخير وبركة، ولا يجعل للآخرين مثله، وقوله تعالى: وضع للناس و هدًى للعالمين يدل على ذلك المعنىٰ.
لكنّ الناس عبر المسيرة البشرية حرّفت الأديان والتعاليم السماوية، والكتب المنزلة، كصحف إبراهيم عليه السلام، وتوراة موسىٰ عليه السلام، وإنجيل عيسى عليه السلام، وزبور داود عليه السلام، إلى ما تشتهي الأنفس ويميل الهوىٰ عندهم اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرّتهم الحياة الدنيا 2، وابتعدوا تماماً عن الدين، إلّامن هدى اللّٰه تعالى منهم، قال تعالى:
ولقد بعثنا في كلّ اُمّةٍ رسولاً أن اعبدوا اللّٰه واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى اللّٰه ومنهم من حقّت عليه الضلالة 3.
فلما ابتعد أكثر الناس عن الدين الحنيف - دين اللّٰه - عبدوا الأصنام،