114حمل بعض الأفاضل ممّن كان في عصرنا حديث المفضّل وأمثاله على مسجد المدينة، وقال: لما كانت الجهة وسيعة وكان الأفضل بناء المحراب على وسط الجهات إلّاأن تعارضه مصلحة لمسجد المدينة حيث بنى محرابه على خط نصف النهار لسهولة استعلام الاوقات مع أن وسط الجهات فيه منحرف نحو اليسار فكذا حكموا باستحباب التياسر فيه ليحاذي المصلّي وسط الجهة المتسعة.
ويقول في موضع آخر: . . وأغرب من جميع ذلك أن مسجد الرسول صلى الله عليه و آله محرابه على خط نصف النهار مع أنّه أظهر المحاريب انتساباً إلى المعصوم، وهو مخالف للقواعد لانحراف قبلة المدينة عن يسار نصف النهار أي من نقطة الجنوب إلى المشرق بسبع وثلاثين درجة. وأيضاً مخالفاً لما هو المشهور من النبي صلى الله عليه و آله قال: محرابي على الميزاب.
ومن يقف في المسجد الحرام بإزاء الميزاب يقع الجدي خلف منكبه الأيسر بل قريباً من رأس المنكب، وكنت متحيّراً في ذلك حتى تأمّلتُ في عمارة روضة النبي صلى الله عليه و آله التي حول قبره الشريف فوجدتها منحرفة ذات اليسار كثيراً، وإن لم يكن بهذا المقدار، وظاهر أن البيوت كانت مبنية بعد المسجد على وفقها، فظهر أن محراب المسجد أيضاً ممّا حرّف في زمن سلاطين الجور. ويؤيّده أن محراب مسجد قبا ومسجد الشجرة، وأكثر المساجد القديمة التي رأيتها في المدينة وبين الحرمين، إمّا موافقة للقواعد أو قريبة منها مع أن النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام صلّوا فيها واللّٰه يعلم.
وهنا يقول الشيخ حسن زاده آملي في درسه 56 وبعد أن يصف ما ذهب إليه العلّامة والسمهودي وغيرهما: من أن المصلّي بالمدينة يجعل محراب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قبلته من غير اجتهاد لعدم الخطإ في حقّه صلى الله عليه و آله يصفه بأنّه كلام في غاية الاستواء ونهاية المتانة؛ لعدم تحوّله عمّا بناه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله. فيقول: وما ذهب إليه بعض المتأخّرين حيث قال: «ومنها المحاريب التي علم بصلاة المعصوم فيها كمحراب مسجد المدينة والكوفة والبصرة والمدائن، ولكن العلم بكون المحاريب