104وأن من كان في كوكب آخر فاذا ما أراد التوجه الى الكعبة فيمكنه ذلك بتوجهه الى الكرة الأرضية، ويصدق عليه حينئذٍ - ونحن ما زلنا مع العرف - أنه مواجه للكعبة ومستقبل لها ويمكنه أداء صلاته باستقبال صحيح.
إذن المشكلة تحدث عندنا ويطول فيها الكلام والأخذ والرد إذا ما أدخلنا في حساباتنا المسألة الدقيّة الهندسية وجعلها محوراً في تعاملنا مع هذه المسائل، التي هي مسائل عرفية بعيدة حتى عن القضايا الشرعية فضلاً عن المسائل الهندسية ودقتها. وإن إدخال مثل هذه الأمور يعني التعسير على الناس وبالتالي نبتعد عن «الشريعة السهلة السمحاء» وعن «يسروا على الناس ولا تعسروا» .
ومن هذا كلّه ظهر لنا صحة صلاة الصف الطويل، لأن البعيد فرضه هو الجهة، وإلّا إذا كان فرضه عين الكعبة لما صحت صلاة هذا الصف؛ لأن فيهم - قطعاً - من يخرج عن محاذاة العين التي لا تتجاوز 25 ذراعاً. وكما قال في المجموع 1. . مع الاتفاق على صحة صلاة الصف الطويل؛ لأنه تظهر فيه المسامتة والاستقبال مع طول المسافة.
وبهذا اندفع الإشكال أو التساؤل السابق.
المذاهب الاُخرىٰ
فيما ذهب القرطبي في جامعه الى أن شطر أي ناحية المسجد الحرام يعني الكعبة، ولا خلاف في هذا. قيل: حيال البيت كلّه؛ عن ابن عباس. وقال ابن عمر: حيال الميزاب من الكعبة؛ قال ابن عطية، والميزاب: هو قبلة المدينة وأهل الشام، وهناك قبلة أهل الأندلس.
قلت: قد روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قال: «البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي» 2. انتهى.
وراح القرطبي يذكر أن لا خلاف بين العلماء أن الكعبة قبلة في كلّ اُفق،