103الهجرة، فكان الخطاب بجعل الكعبة قبلة عامة ومتوجهاً لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ومَن معه من المسلمين وأهل المدينة وضواحيها فجرى التعبير بالمسجد الحرام، باعتبار سعة استقبالهم للكعبة باستقبال المواجهة وللاحترام والتعظيم مما يتحقق به ذلك عند الناس كما هو الظاهر من الآية، وأن استقبالهم للمسجد بهذا النحو يلزمه استقبال الكعبة بهذا النحو أيضاً وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي نحوه بالنحو المتقدم دون الاستقبال الهندسي؛ لأن تكليف النائين به حتى مثل أهل المدينة بل ما كان عن مكة بمرحلة مثلاً يستلزم التكليف بما لا يطاق، ولا شك في أنه كلما بعد المستقبل اتسعت وجهة استقباله للكعبة بالمواجهة الاحترامية التعظيمية 1.
فإذا عرفنا بعد هذا كلّه أن المقصود من المواجهة هي المواجهة العرفية لا المواجهة الدقّية. . فيمكننا حينئذٍ حلّ الروايات التي تقول كما عن الإمام أبي عبد اللّٰه الصادق عليه السلام:
إن اللّٰه تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا.
البيت قبلة المسجد، والمسجد قبلة مكة، ومكة قبلة الحرم، والحرم قبلة الدنيا.
وأنه بناءً على هذا التفسير للاستقبال يكون مضمون هذه الروايات مضموناً صحيحاً، فإنه من كان داخل المسجد ولقربه من الكعبة فلا يتمكن من مواجهتها عرفاً أيضاً إلّابمواجهة عينها، لكن مساحة المواجهة تكون ضيقة بخلاف من كان خارج المسجد فإن بمواجهته للمسجد الحرام قد واجه الكعبة وهكذا إذا ما ابتعد عن المسجد وصار خارجه أي في الحرم يصدق بمواجهته للمسجد أنه واجه الكعبة، ومن نأى عن الحرم يصدق بمواجهته للحرم أنه قد واجه المسجد الحرام وبالتالي الكعبة.