36
وأجيب عن هذه المناقشة بما حاصله:
إنّ الجملة الثانية جاءت على سبيل الترقي بعد الجملة الأولى، فتدلان على مطلبين، لا على مطلب واحد، ولا يظهر من الرواية قرينية أو تعليلية الثانية للأولى حتى يتم ما ذكره المناقش هنا، 1أو فقل: إنّ الجملة الثانية بناء على أحد الفرضين في الجملة الأولى وهو عدم بقائه. 2
ولعلّ السيد الروحاني فهم من الفاء في بداية الجملة الثانية «فإن مات على ذلك» مايدلّ على التعليل، فيكون المعنى: لا يسعه التسويف للتجارة، فإنه إن مات كان كذا وكذا، والمجيب على مناقشة الروحاني لم يلاحظ وجود حرف الفاء في الجملة الثانية؛ لأنه اعتمد على الرواية في كتاب «تفصيل وسائل الشيعة» ، والذي عُطفت فيه الجملة الثانية على الأولى بحرف الواو، فيما العطف بين الجملتين جاء في المصدر - وهو كتاب تهذيب الأحكام - بحرف الفاء، مما يسمح بفرضية التعليل.
لكنّ الإنصاف أنه حتى لو فرضنا حرف الفاء موجوداً، يصعب فهم التعليل منه وإن كان محتملاً، ما لم يُجعل احتمال التعليل بحدٍّ يوجب الإجمال في دلالة الرواية، والصحيح أنّه لا يوجبه؛ فإنّ الجملة الثانية وإن كانت تعليلاً للأولى، لكنها تحافظ على دلالة الجملة الأولى؛ لأنّ معنى الرواية سوف يكون حينئذٍ: لا يسعه التسويف لأنه إن سوّف فمات فقد ترك الفريضة، فيكون الحكم الثاني قائماً بنفسه، فيما الحكم الأوّل وهو التسويف جاء احتياطاً لعدم حصول الثاني، فيكون المولى قد حرّم التسويف طريقيّاً حذراً من فوات الفريضة، وهذا هو المائز بين نوعية الحكم في الجملة الأولى والثانية؛ وهو لا يضرّ بأصل حرمة التسويف شرعاً، وإن كان بنحو الطريقية لحفظ الملاك وعدم فواته، فبهذا المقدار تدلّ الرواية لا أزيد، فلو سوّف فلم يمت فحجّ في العام القادم، فقد خالف المولى في