35
ولابدّ لنا من استعراض هذه النصوص وتحليلها، للنظر في مدى وفائها بالقول بالفورية وعدمه، وهي:
1 - خبر معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (ع) قال:
«قال الله عز وجل:
وَللهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبيِلاً ،
قال: هذه لمن كان عنده مال وصحّة، وإن كان سوّفه للتجارة لا (فلا) يسعه، فإن مات على ذلك، فقد ترك شريعةً من شرائع الإسلام، إذا هو يجد ما يحجّ به. .» . 1
فإنّها ظاهرة في المنع عن تأخير الحجّ مع وجود الاستطاعة، فتدلّ على الفوريّة.
وقد يناقش الاستدلال بهذه الرواية:
أولاً:
أنها وإن كانت تامّة السند على المشهور، لكنّنا في موضعه لم نقبل بتصحيح طرق الشيخ الطوسي إلى الحسين بن سعيد الأهوازي رغم تعدّدها، وهذه الرواية ينقلها الأهوازي عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، فتكون ضعيفة السند.
ثانياً:
ما ذكره السيد محمد الروحاني من أنّ فقرة: «إن كان سوّفه للتجارة فلا يسعه» ملحوقة بفقرة: «وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام» ، وعطف الثانية على الأولى قرينة على أنّ مورد النهي هو التسويف المؤدّي إلى ترك الحج حتى الموت، لا مطلق التسويف، وذلك بضميمة أنّ عدم التسويف ليس في نفسه شريعةً من شرائع الإسلام، فيكون حديث الرواية عن حالة ترك الحج، ومن ثمّ لا ربط لها بوجوب الفورية. 2