28ما لم يحرز ممانعة المولى من التأخير، خلافاً لما قيل في هذا المجال من قبل بعض الفقهاء، 1وأما غير ذلك فليس بواجب ما لم يمسّ أصل الامتثال، ومعنى ذلك أنه لو طلب شخصٌ من آخر شيئاً مع عدم النصّ على الفورية أو ما هو في قوّة النص فالمطلوب من المأمور به هو الامتثال، وكلّ ما يصدق عليه عرفاً وعقلائياً أنه تمرّد على قانون الامتثال أو تهاون أو عدم انصياع فهو ممنوع، الأمر الذي يختلف باختلاف أنواع المأمور به أيضاً وطبيعته.
ولكي نوضح المسألة نقول: لو طلب زيد من عمرو أن يأتيه بماء ليشرب كي يرفع عطشه، فإنّ ترك عمرو للتحرّك بعد صدور الأمر يكون تهاوناً بالأمر والآمر، أما لو طلب زيدٌ من عمرو في ظروف طبيعية أن يشتري له ساعةً يدويّةً فلم يشتر عمرو الساعة في اليوم الأول وإنما اشتراها في اليوم الثاني، فلا يقول العقل بأنه ارتكب معصيةً أو حتى تجرّأ على الآمر حتى لو لم يكن مطمئنّاً من بقائه حيّاً إلى يوم الغد؛ لأنّ الطلب الثاني لم يتحقّق فيه عنوان التمرّد على الامتثال، فلو مات عمرو قبل شراء الساعة فلا يقول زيدٌ بأنه قد عصى أمري، أو يحقّ له توجيه اللوم إليه أساساً؛ لعدم صدق التمرّد على الأمر في هذه الحال، والإباء عن الامتثال الذي هو ما يحكم العقل بقبحه هنا.
فالمطلوب عقلاً تحقّق السير في صراط الامتثال، وعدم صدق التمرّد أو التهاون أو الاستخفاف، وهنا نقول بأنّ عدم الصلاة في أوّل الوقت لايعدّ تهاوناً بالتكليف والآمر، ولهذا لو توفّي قبل انتهاء الوقت لايعدّ عاصياً ولا متجرئاً على المولى، ليس لأجل الوثوق بالبقاء وعدمه، بل قبل ذلك؛ لأجل أنّ المأخوذ عقلاً هو التهاون والاستخفاف وهو غير صادق هنا عرفاً وعقلائيّاً مادام المولى نفسه لميلزم بالفوريّة، وعدم صدقه يمكن تحقّقه نتيجه الوثوق أحياناً، لا أنّ حكم العقل هو المبادرة، وجاء الوثوق عارضاً وطارئاً.