15الصلاة أُصلّيها لوقتها ثم أُصلّي معهم نافلة مخافة الفتنة. 1
وروى أحمد في مسنده عن أبيذر أنّ رسولالله (ص) قال له:
«كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخّرون الصلاة؟ ثم قال: صلّ الصلاة لوقتها ثم انهض، فإن كنت في المسجد حتّى تقام الصلاة فصلِّ معهم» .
2
إلى غير ذلك ممّا يجده المتتبع في غضون التاريخ أنّ المسلمين كانوا يتّقون من السلاطين، وكان من مظاهر التقية مسألة الزكاة.
قال أبان: دخلت على الحسن وهو متوارٍ زمن الحجاج في بيت أبي خليفة فقال له رجل: سألت ابن عمر أدفع الزكاة إلى الأُمراء؟ فقال ابن عمر: ضعها في الفقراء والمساكين، فقال لي الحسن: ألم أقل لك إنّ ابن عمر كان إذا أمن الرجل قال: ضعها في الفقراء والمساكين؟ 3
فالشيعة، إذاً تتّقي الكفّار في ظروف خاصة لنفس الغاية التي لأجلها يتّقيهم السنّيّ، غير أنّ الشيعي ولأسباب لا تخفى، يلجأ إلى الاتّقاء من أخيه المسلم لا لقصور في الشيعي، بل في أخيه الذي دفعه إلى ذلك: لأنّه يدرك أنّ الفتك والقتل مصيره إذا صرّح بمعتقده الذي هو عنده موافق لأُصول الشرع الإسلامي وعقائده.
نعم كان الشيعي وإلى وقت قريب يتحاشى أن يقول: إنّ الله ليس له جهة، أو أنّه تعالى لا يُرى يوم القيامة، وإنّ المرجعية العلمية والسياسية لأهلالبيت (عليهم السلام) بعد رحيل النبيّ الأكرم (ص) أو إنّ حكم المتعة غير منسوخ؛ فإنّ الشيعي إذا صرّح بهذه الحقائق - التي استنبطت من الكتاب والسنّة - سوف يُعرّض نفسه ونفيسه للمهالك والمخاطر. وقد مرّ عليك كلام الرازي وجمال الدين القاسمي والمراغي وغيرهم الصريح في جواز هذا النوع من التقية، فتخصيص التقية بالتقية من الكافر فحسب، جمود على ظاهر الآية، وسدّ لباب الفهم،