14أبي هريرة -رضي الله عنه - أنّه قال في ذلك العصر الأوّل: «حفظت من رسولالله (ص) وعاءين، أمّا أحدهما فبثثته في الناس، وأمّا الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم» . 1
3. وقال المراغي في تفسير قوله سبحانه: مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمانِ : ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة، وإلانة الكلام لهم، والتبسّم في وجوههم، وبذل المال لهم؛ لكفّ أذاهم، وصيانة العرض منهم، ولا يعدّ هذا من الموالاة المنهيّ عنها، بل هو مشروع، فقد أخرج الطبراني قوله (ص) :
«ما وَقَى المؤمن به عرضَه فهو صدقة» .
2
وحصيلة الكلام: أنّه يظهر من غضون التاريخ أنّ التقية من السلطان الجائر كان أمراً شائعاً، وكان المسلمون يعملون بالتقية مستلهمين ذلك من قوله سبحانه: إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً. 3
فهذا هو ابن الحنفيه قد قال لبعض الغزاة: لا تفارق الأُمّة. اتق هؤلاء القوم بتقيتهم - قال الراوي: يعني بني أُمية - ولا تقاتل معهم. قال: قلت: وما تقيتهم؟ قال: تحضرهم وجهك عند دعوتهم، فيدفع الله بذلك عنك عن دمك ودينك، وتصيب من مال الله الّذي أنت أحق به منهم. 4
وقال ابن مسعود: ما من كلام يدرأ عنّي سوطين من ذي سلطان إلاّ كنت متكلّماً به. 5
وقد كان حذيفة يقول: فتنة السوط أشد من فتنة السيف. قال السرخسي: فكان حذيفة ممّن يستعمل التقية. 6
وفي الروايات: قال جابر بن عبدالله: لا جناح عليّ في طاعة الظالم إذا أكرهني عليها. 7
وعن بريدة بن عميرة: قال: لحقت بعبد الله بن مسعود، فأمرني بما أمره به رسولالله (ص) أن أُصلّي الصلاة لوقتها واجعل صلاتهم تسبيحاً، قال ابن عساكر: يعني أنّ الأُمراء إذا أخّروا