11وهو قدّس سره يشير إلى كيفية خاصة من العلم والشعور الذي أوضحناه بما ورد حول الكنز وآثاره.
** *
3. الاستشعار بعظمة الربِّ وكماله وجماله
إنّ هاهنا نظرية ثالثة في تبيين حقيقة العصمة، يرجع لبّها إلى أنّ استشعار العبد بعظمة الخالق وحبه وتفانيه في معرفته وعشقه له، يصدّه عن سلوك ما يخالف رضاه سبحانه.
وتلك النظرية مثل النظرية الثانية، لا تخالف النظرية الأُولى التي فسّرناها من أنّ العصمة هي الدرجة العليا من التقوى، بل يكون الاستشعار والتفاني دون الحق، والعشق لجماله وكماله، أحد العوامل لحصول تلك المرتبة من التقوى، وهذا النحو من الاستشعار لا يحصل إلاّ للكاملين في المعرفة الإلهية، البالغين أعلى قممها.
إذا عرف الإنسان خالقه كمال المعرفة الميسورة، وتعرّف على معدن الكمال المطلق وجماله وجلاله، وجد في نفسه انجذاباً نحو الحق، وتعلّقاً خاصّاً به بحيث لا يستبدل برضاه شيئاً، فهذا الكمال المطلق هو الذي إذا تعرّف عليه الإنسان العارف، يؤجّج في نفسه نيران الشوق والمحبة، ويدفعه إلى أن لا يبتغي سواه، ولا يطلب سوى إطاعة أمره وامتثال نهيه، ويصبح كلّ ما يخالف أمره ورضاه منفوراً لديه، مقبوحاً في نظره، أشد القبح. وعندئذ يصبح الإنسان مصوناً عن المخالفة، بعيداً عن المعصية بحيث لا يؤثر على رضاه شيئاً.
وإلى ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب (ع) بقوله: