12
«ما عَبَدتُكَ خَوفاً مِن ناركَ ولا طَمعاً في جنَّتِكَ، إنّما وَجَدتُكَ أهلاً للعِبادَة» . 1
هذه النظريات الثلاث أو النظرية الواحدة المختلفة في البيان والتقرير تعرب عن أنّ العصمة قوة في النفس تعصم الإنسان عن الوقوع في مخالفة الرب سبحانه وتعالى، وليست العصمة أمراً خارجاً عن ذات الإنسان الكامل وهويته الخارجية.
نعم هذه التحاليل الثلاثة لحقيقة العصمة، كلّها راجعة إلى العصمة عن المعصية والمصونية عن التمرّد كما هو واضح لمن تأمّل فيها، وأمّا العصمة في مقام تلقّي الوحي وحفظه وإبلاغه إلى الناس، أو العصمة عن الخطأ في الحياة والأُمور الفردية أو الاجتماعية، فلا بد أن توجه بوجوه غير هذه الثلاثة.
العصمة عن الخطأ
أمّا العصمة عن الخطإ في تحمّل الوحي وحفظه ونقله إلى الأُمّة في حقّ النبي (صلى الله عليه وآله) أو عصمة أهل البيت (ع) في الإفتاء ونقل ما ورثوه من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فهي رهن أمر آخر.
أمّا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فإنّه سبحانه يسدّده بالملائكة كما يقول سبحانه: ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَ أَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَ أَحْصَى كُلَّ شَيْء عَدَداً) . 2
فإنّ قوله: ( فَإِنَّهُ يَسْلُك ُ) بمعنى يجعل له رصداً. فهؤلاء الملائكة هم الذين يسدّدون الأنبياء عن الخطإ في القول والفعل. وأمّا أهل البيت: فبما أنّ عصمتهم عن المعصية والخطإ ثابتة بالدلائل الآتية، فلا محيص من القول من