9
الأول: امتناع جعل السببية.
و الثاني: عدم السبيل إلى إحراز المقتضي بهذا المعنى إلا بالوحي.
و الثالث: عدم الدليل على اعتباره على فرض إحرازه.
و الوجه الثالث بالوجهين الآخرين.
و الوجه الأول بالوجه الأخير فقال بعض مقرر بحثه: أن إحراز المقتضي بالنسبة إلى الأحكام الشرعية أو الجزئية مما لا سبيل إليه إذ لا طريق إلى العلم بالمصالح المقتضية لجعل الأحكام الشرعية بالضرورة إلا لمن نزل عليه الوحي ثم قال ما محصله و إن قيل: إن المراد من المقتضي هي السببية المطلقة المحرزة من الأدلة الشرعية كسببية البيع أو النكاح أو ملاقاة النجاسة مثلا للملكية أو الزوجية أو النجاسة بنحو الإطلاق فحيثما شك في بقاء المسببات فإنما يكون الشك في المانع و الرافع من إنشاء فسخ أو طلاق أو إيجاد غسل مزيل للنجاسة و هكذا.
قلت: مضافا إلى أن ذلك فرع جعل السببية و هو ممتنع أن إحراز بقاء المقتضي بهذا المعنى كإحراز بقاء الملاك في عدم إمكانه لغير من نزل عليه الوحي ضرورة أن كل ما يحتمل رافعيته للحكم الشرعي يحتمل دخل عدمه في موضوعه فكما يحتمل أن يكون العقد سببا للملكية بنحو الإطلاق حتى يكون الشك في ارتفاعها بالفسخ من قبيل الشك في الرافع كذلك يحتمل أن يكون سببيته للملكية مقيدة بعدم الفسخ و مع وجوده تكون السببية مشكوكة لا محالة و ليس في البين ما يعين أحد الاحتمالين انتهى.
أقول: أما ما ذكره من امتناع جعل السببية فهو باطل لما بيناه في محله من إمكانه و وقوعه في الشرع فإن الوضوء و الغسل سببان للطهارة جعلا لا ذاتا بالضرورة كما أن سببية أسباب الحدث للحدث كذلك مع أن إحراز السببية المطلقة من الأدلة الشرعية لا يتوقف على الجعل بل يجتمع مع كون السببية ذاتية اقتضائية قد قررها الشارع و الأمثلة المزبورة كلها أو أكثرها من هذا القبيل.