14على الركون إلى استصحاب الحال مع العلم بالمقتضي و الشك في المانع فالاعتماد على مجموع الأمرين لا على مجرد إحراز المقتضي و لو كان الشك في الحدوث فلا بد لنا من ذكر موارد يكون الاعتماد فيها على القاعدة الشريفة مفارقة عن استصحاب الحال فأقول مستمدا برب الأرباب و أمنائه الأطياب عليهم صلوات الله الملك الوهاب.
إن أصالة الحقيقة و العموم و الإطلاق من الأصول المسلمة التي عليها بناء العقلاء و لا يرتاب فيها أحد منهم و لا يتم الأمر بها إلا بالاعتماد على قاعدة الاقتضاء و المنع.
توضيح الحال أن اللفظ بمقتضى وضعه للمعنى الحقيقي مناسب له ابتداء و للمعنى المجازي ثانيا لأجل مناسبة بينه و بين المعنى الحقيقي فهو صالح لأن يراد به معناه الحقيقي المناسب له ابتداء بمقتضى وضعه له و أن يراد به معناه المجازي المناسب له بتبع المعنى الحقيقي و لكن إرادة الأول منه لا تحتاج إلى مؤنة زائدة لمناسبته له ابتداء بخلاف إرادة المعنى الثاني منه فإنها تحتاج إلى قرينة صارفة تصرفه عن مقتضاه الأولى و ما يناسبه ابتداء و هو المعنى الحقيقي فحيث صدر اللفظ من المتكلم العارف بالوضع في مقام الإفادة و الاستفادة مع عدم نصب قرينة صارفة من المعنى الحقيقي المناسب له أو لا يحمل عليه و لا يعتد باحتمال وجود المانع و الصارف و اختفائه على السامع أو غفلة المتكلم عنه و من المعلوم أن الحمل على المعنى الحقيقي دون المجازي مع التردد في مراد المتكلم و عدم ثبوت القرينة الصارفة ليس إلا لأجل الاعتداد على الاقتضاء الثابت بينه و بين اللفظ بمعونة الوضع و عدم الاعتماد باحتمال المانع و الصارف و باعتبار هذا الاقتضاء يكون اللفظ ظاهرا في المعنى الحقيقي دون المجازي و حيث إن اعتبار هذا الاقتضاء لا يدور مدار إفادة العلم أو الظن الفعلي بالمراد عبر عنه بالسببية المطلقة و التعبد العقلائي فإن الركون إلى الأصل و الحكم بشيء من غير علم مقتضاه يشبه التعبد فكان العقلاء متعبدون بحمل اللفظ على الأصلي مع عدم العلم