11
ثم انه يكفي في تحقّق الاختياري مقابل الاضطراري مجرد التمكن عليه بمعنى عدم الحاجة الى إرادة ذلك الفعل و القصد إلى إيجاده فلا حظ هدم بيت من غير التفات من الهادم ان في البيت انسان يموت بهدمه فإنه لو هدمه يستند قتل الإنسان المزبور الى الهادم فيقال انه قتله باختياره باعتبار انه كان متمكنا على عدم قتله و لو بعدم هدم البيت نعم بما انّ القتل تحقق في الخارج بلا قصده و إرادته يكون القتل خطائيا.
و الشاهد لكون القتل المزبور اختياريا تمكن الفاعل على تركه و انه يصحّ للشارع العقاب على ذلك القتل فيما إذا أوجب التحفظ عليه من الخطأ كما إذا قال و ان قتلت إنسانا أعاقبك على ذلك القتل فمع وصول هذا الخطاب اليه لو نسي انّ في البيت المزبور إنسانا فهدمه و قتل الإنسان فيصحّ ان يعاقبه على ذلك القتل لكونه متمكنا على التحفّظ بترك الهدم و على التحفظ بذكره بان في البيت إنسانا و هذا هو المراد في حكايته سبحانه عن نبيّه (ص) ليلة المعراج (رَبَّنٰا لاٰ تُؤٰاخِذْنٰا إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا) ، و لكن لا يمكن للشارع ان يعاقب البالغ العاقل على تحيّزه المكان فيقول له انّي أعاقبك على كونك في مكان و السرّ في ذلك الإنسان بالإضافة إلى الكون في المكان فاعل بالاضطرار، فلا يصحّ العقاب على فعل لا يستند الى اختيار الفاعل و تمكّنه.
فالمتحصّل ان المصحّح للفعل الاختياري تمكن الفاعل عليه و الإيجاد بالتمكن لا يتوقف على الإرادة و القصد فلا يكون لحاظ الفعل و التصديق بصلاحه و ميل النفس و الإرادة علة للفعل أو من مبادئ العلة أصلا نعم الفعل العمدي يتوقف بعد التمكن على الإرادة و يعبّر عنها بالقصد و العزم و الجزم و الاختلاف في التعبير نظير اختلاف التعبير عن زيد بالإنسان و البشر.