286
الأول: سر عدم جواز جعل حصة من ربح مال آخر للعامل فإن دخل العمل ليس إلا في ربح المال الذي وقع فيه العمل فلا يصلح جعل ربح مال آخر نماء للعمل في مال القراض.
الثاني: عدم كون القراض عقدا متوقفا على إنشاءين فإن تنزيل العمل منزلة المال و جعله دخيلا في ربحه بحيث يوجب الشركة فيه أمر يرجع إلى المالك و رب المال فيكفي فيه إنشاؤه و لا يتوقف على إنشاء من المعامل، فهي نظير الجعالة حيث ترجع إلى الجاعل و تتحقق بإنشائه و لا حاجة معه إلى إنشاء من طرف المال، نعم لعمل العامل دخل فيهما في الجملة فإن العمل لم يتمحض في العنوانين بإنشاء المالك و الجاعل و إنما صار العنوانان بهما من أحد وجوهه و عناوينه بعد أن لم يكونا منه، فللعامل حينئذ أن يقصد بعمله التبرع أو المضاربة و الجعالة، فاتصاف العمل بأحد الوجهين و العنوانين يتوقف على صدوره من العامل على أحد الوجهين و لا تأثير لقبول العامل في هذه الجهة لجواز وقوع العمل منه على وجه التبرع بعد قبوله، و إن كان له تأثير في المقام في جهة أخرى مثل وجوب حفظ المال عليه و هكذا، فهي شبيهة بالوكالة من هذا الوجه إذ الوكالة في العمل و صيرورة الشخص وكيلا و مرجعا في الموكل فيه بحيث لو تصرف فيه لوقع تصرفه من قبل الموكل تحصل بمجرد إنشائه، و قبول الوكيل إنما يؤثر في صيرورته في وثاق العمل و على عهدته فالمضاربة كالجعالة و الوكالة لا تكون عقدا محضا حتى تتوقف في تحققها على إنشاء من الطرفين و لا إيقاعا صرفا حتى لا يكون لقبول العامل و عمله دخل فيه بوجه من الوجوه، فهي أمر بين الأمرين و برزخ بين العالمين.
و هكذا الحال في جميع العقود الجائزة بالذات من الطرفين المسماة بالعقود الإذنية، فإن العقد التحقيقي المتوقف حصوله على عمل الطرفين و وصل الحبلين و شدهما كما لا يتحصل من عمل أحدهما فكذا لا ينحل منه أيضا، إذ لو أمكن له الحل لأمكن له الإثبات فإن نسبة القدرة إلى الوجود و العدم على حد سواء، فاللزوم من لوازم حقيقة