285الظن بالنسبة إلى التنجيز و الحجية حيث إنه لخروجه عن مرتبة التحير المحض و التردد الصرف لم يكن كالشك حتى لا يقبل الحجية بالجعل و لتطرق احتمال الخلاف فيه و عدم بلوغه مرتبة الرجحان التام لم يكن كالعلم حتى يكون حجة بالذات، فحقيقة المضاربة عبارة عن تنزيل العمل من الربح منزلة المال منه و تقديره بقدر المال أو نصفه أو ثلثه و هكذا، فإن قدر مقدار رأس المال فالربح بينهما إنصافا، و إن قدر نصف المال فهو بينهما أثلاثا و إن قدر ثلث المال فهو بينهما أرباعا، و من هذا القبيل المزارعة و المساقاة فإن مرجعهما إلى تنزيل الأرض و عمل العامل منزلة البذر و الشجرة بالنسبة إلى الغلة و الثمرة فالمضاربة و المزارعة و المساقاة متحدة في الذات و الحقيقة، و اختلاف الأسامي باعتبار اختلاف خصوصيات الموارد و كذا اختلافها في بعض الأحكام كاعتبار تعيين المدة فيهما و لزومهما و عدم اعتباره فيها و جوازها فإن قلت: إذا لم يكن العمل في عرض رأس المال ذاتا من حيث تبعية الربح له فكيف يتصور جعله سببا عديلا لرأس المال تنزيلا.
قلت: تنزيل العمل منزلة المال كسائر الجهات الوضعية التي يعتبرها العرف و يرتب عليها الآثار قابل للجعل و أي فرق بين جعل المبادلة بين المالين بعقد البيع و علقة الأزواج بين الرجل و المرأة بعقد النكاح و تنزيل شخص منزلة آخر بالتوكيل و بين المقام، فكما ينفذ التصرفات المذكورة و يترتب عليها الآثار فكذلك تنزيل العمل منزل المال فإن مقتضى مرجعية الشخص في جهاته و أموره و استقلاله فيها نفوذ تصرفاته و تقلباته الراجعة إلى شئونه اقتضاء ما لم يمنعه من هو أولى به من نفسه، فبطلان تصرفه يحتاج إلى الدليل و أما نفوذه فهو مقتضى الأصل ما لم تختل شرائطه العرفية و كان جامعا لها.
إذا اتضح لك ما حققناه و أتقنت ما بيناه من أن مرجع القراض و المضربة إلى تنزيل العمل منزلة المال الموجب لاشتراك الربح بين العامل و رب المال اتضح لك أمران