19فيه باطن الأرض بحثاً عن حجر أو قطعة قُماش أو حديد أو أيّ شيء يكشف عن حياة القدماء و تاريخهم، و تُصرف على ذلك الملايين!؟ لم يهدم الوهابيون آثار العرب و المسلمين التي حافظت عليها الأجيال السابقة؟ إنه تساؤل لا يمكن أن أجيب عنه أو أجد له تفسيراً منطقياً، فهل هدم هذه الآثار هو للدفاع عن عقيدة التوحيد خوفاً من عدو لا يعرفه أحد يسميه الوهابية "شرك"؟! أو إنّ هدم هذه الآثار والمعالم الإسلامية يُخفي وراءه مؤامرة يُمثّل فيها هؤلاء الأعراب النجديون دور المعول والفأس الصماء التي لا إرادة لها و إنما هي مفعول به؟!
لا أستطيع الجزم لأنّ الحيرة تتملكني كما تتملك غيري، وهو ينظر إلى الآثار الإسلامية تخرّب بأيدي المسلمين في الوقت الذي يصرف فيه الصهاينة ملايين الدولارات للبحث في باطن الأرض الفلسطينية عن قطعة حجر تدلّ على أنّ أجدادهم المزعومين قد مروا من هنا، ولو وجدوها لطلعوا على العالم وعرضوها بوصفها أدلّة تسوِّغ استعمارهم لفلسطين وتجعل وجودهم شرعياً.
إنّ نكبة الآثار في جزيرة العرب وهدم البقيع ومقابر المسلمين في مكة وغيرها من مدن الحجاز لا تماثلها فظاعة سوى نكبة بغداد على يد المغول، والتراث العلمي الذي ضاع في دجلة والفرات؟!!
إنّ الهدم والتدمير لا يزال مستمراً، فقد أفنى الوهابيون آثار النبي(ص) والصحابة والأئمة في المدينة المنورة ومكة، حتى كاد - كما يقول يوسف بن السيد هاشم الرفاعي وهو من أهل السنة في الكويت - لا يبقى منها إلا المسجد النبوي الشريف وحده، في حين أنّ الأمم تعتزّ و تحتفظ بآثارها ذكرى وعبرة ودليلاً على ماضيها التليد. بل إنّ الوهابيين ينتهزون كلّ عام فرصة صيانة وصباغة وترميم المسجد النبوي لإزالة الكثير من المعالم الإسلامية الموجودة في خلوة المسجد الشريف من الآثار والمدائح، مثل محاولتهم طمس أبيات البُرْدَة النبوية المكتوبة على الشباك لولا تدخّل السلطة التي منعتهم من ذلك.
والآن، إنهم يتربَّصون بالقبة الخضراء، قبة القبر النبوي الشريف، فقد طالب ناصر الألباني بإخراج قبر المصطفى(ص) من المسجد النبوي وزعم أنّ إبقاء القبر النبوي في المسجد من بدع المدينة المنورة، كما اعتبر مُقبل بن هادي الوادعي كذلك - وهو من عتاة السلفية وأشدهم سبّاً وشتماً لمن خالفهم - وجود القبر والقبة الشريفة بدعة كبيرة وطالب بإزالتها وهدمها و إخراج القبر الشريف من المسجد، فليحذر المسلمون، إنّ الوهابية يتربّصون بالقبر النبوي