17
الإكراه المذهبي
من القضايا المهمَّة كذلك التي ناقشها المؤلف قضية الإكراه المذهبي، لأنّ الجزيرة العربية فيها أتباع مختلفون من السنّة والشيعة، و لمّا استولى الوهابيون على الحجاز و الأماكن المقدسة حاربوا كلّ من لا يقلّدهم في العقائد والفقه، وقتلوا عدداً من علماء أهل السنة، ولم يعترفوا بأيّ مذهب، إلاّ مذهبهم الخاص، وهو مذهب ابن تيمية، ولم يسمحوا لمخالف بإبداء رأيه.
و قد تعرّض الشيعة الإمامية في مناطق الأحساء والقطيف في المنطقة الشرقية من الجزيرة - وهي منطقة أغلب أهلها شيعة إمامية- إلى اضطهاد مذهبي ولايزالون يعانون منه إلى الآن، حيث حاول الوهابيون إكراههم على اعتناق الوهابية بالقوة، وطلبوا من أميرهم إلزامهم بالبيعة للوهابية، و منعوهم من بناء المساجد و الصلاة فيها وفق مذهبهم، بل ألزموهم بالصلاة جماعة وراء أئمة من الوهابية، كما منعوهم من إقامة شعائرهم مثل الاحتفالات بمناسبة مولد الرسول(ص) وأئمة أهل البيت(عليهم السلام) ووفياتهم.
وقد دافع المؤلف عن قناعة الإمامية بعقائدهم، وخصوصاً ارتباطهم بأئمة أهل البيت(عليهم السلام) مؤكداً أنه لا يجوز إكراه أيّ مسلم على اعتناق مذهب معيّن أو اتباع مجتهد بعينه، لعدم وجود دليل على ذلك، فلكلّ مذهب أدلّة وبراهين من الكتاب والسنَّة، والشيعة الإمامية رغم اقتناعهم بصحة اعتقادهم بأنّ الإمامة من أصول الدين، فإنّهم لايرون أنّ مخالفيهم كفار، بل يحكمون ويُفتون بصحة أعمالهم وفقاً للمذاهب التي يقلّدونها، ولا وجه ولادليل لتكفير من يعمل وفق ما يقتضيه مذهبه، لأنه يتديّن بما يراه حجة في مذهبه. أجل إلا إذا كان ذلك مما يلزم به أهل المذهبين معاً.