18الربوبية، حيث يعتقدون بأنّ الله سبحانه فوّض تدبير بعض أمور الكون إلى الملائكة، والجنّ، والكواكب، والأرواح المقدّسة، إلى غير ذلك، فجاء القرآن يركّز على التوحيد في الربوبية، مضافاً إلى التوحيد في الخالقية، قال سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّماواتِ وَ الأرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إلاَّ مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أ فَلا تَذَكَّرُونَ . 1وقال عزوجل: اَللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لأَِجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ . 2فقوله: يُدَبِّرُ الأمْرَ إشارة إلى التوحيد في الربوبية، وتدبير الكون بعد ايجاده، وأنّه سبحانه يقوم به فقط.
حتّى أنّه سبحانه استدلّ على التوحيد في الربوبية، بأنّ تعدّد الآلهة يوجب الفساد، وقال: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ 3، و مثلها قوله سبحانه: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إلهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ . 4وبذلك أثبت أنّ المدبّر واحد مضافاً إلى وحدة الخالق، هذا من جانب ومن جانب آخر كلّما أُطلق (الرب) يراد به: مَنْ فوّض إليه أمر الشيء من حيث الإصلاح والتدبير والتربية، فيقال: رَبّ الضيعة، لمن عليه إصلاحها ورعايتها؛ ويقال: ربّ الدار، لمن عليه حفظها وتصليح خرابها؛ وقد أطلق يوسف (ع) كلمة الرب على عزيز مصر، حيث قال: إنَّهُ رَبِّى أحْسَنَ مَثْوَاىَ 5، كما أنّه سبحانه وصف اليهود والنصارى بأنهم: اتَّخَذُوا أحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ 6، وقال عبدالمطّلب لإبرهة «أنا ربّ الإبل وللبيت ربّ» .