58وعلى ضوء ذلك نقول: إذا صحّ أنّه نُدب إلى صيام يوم عاشوراء، وأنّ ثمّة من يريد صوم ذلك اليوم، فليصم في يوم (العاشور) من شهر (تشري) الذي يقع دائماً في فصل الخريف (حسب التقويم العبري) ، لا أن يصوم في يوم (عاشوراء) من شهر (محرم الحرام) ، الذي يتحرك عبر الفصول، وفقاً للتقويم الهجري.
وممّا يثير العجب ما نقله ابن حجر عن بعض من حاول تصحيح الحديث وقال: يحتمل أن يكون أولئك اليهود كانوا يحسبون يوم عاشوراء بحسب السنين الشمسية فصادف يوم عاشوراء بحسبهم اليوم الذي قدم فيه المدينة. 1ولا أظن أنه يخفى على القارئ وجود التناقض في كلام القائل، إذ كيف يمكن أن يصادف قدوم النبي (ص) يوم عاشوراء بحسبهم؟ ولذلك قال ابن حجر: إنّ سياق الأحاديث تدفع هذا التأويل.
وفي الختام نلفت نظر الأساتذة الذين يصرّون على الاحتفال بيوم عاشوراء أنّ أوّل من احتفل بهذا اليوم الحجاج بن يوسف الثقفي في أيام عبدالملك بن مروان، يقول المقريزي: إنّ ملوك بني أيوب الذين أزالوا الفاطميين عن منصة الخلافة كانوا يتخذون يوم عاشوراء يوم سرور، يوسعون فيه على عيالهم، ويتبسطون في المطاعم ويصنعون الحلاوات ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون ويدخلون الحمام جرياً على عادة أهل الشام التي سنّها لهم الحجاج في أيام عبدالملك بن مروان؛ ليرغموا بذلك