56والحديث يدلّ على أنّ صيام يوم عاشوراء من سنن اليهود على خلاف ما دلّ عليه الحديث السابق من أنّها سنة جاهلية عربية، ويمكن الجمع بأنّ العرب في الجاهلية اتخذتها عن اليهود فصارت سنة لهم.
وعلى أي تقدير سواء أكانت سنة جاهلية أم سنة يهودية، فيوم عاشوراء الذي كان اليهود يصومون فيه وصام فيه النبي (ص) بحجّة أنّه أحق بموسى منهم، غير اليوم العاشر من محرّم الحرام الذي يُتصوَّر أنّ صيامه سنّة من سنن النبي (ص) .
وذلك لأنّ الحديث يحكي بوضوح أنّ النبي (ص) أوان قدومه للمدينة، وجد اليهود يصومون فيه، ومن المعلوم أنّ هجرة النبي (ص) كانت في النصف الأوّل من ربيع الأوّل، فاليوم الذي صام فيه النبي (ص) ، وأمر بصومه كان في النصف الأوّل من شهر ربيع الأوّل ولا صلة له بعاشر محرم الحرام، فمن يريد أن يعمل بالحديث فليصم اليوم العاشر الذي يصوم فيه اليهود، لا عاشر محرّم الحرام.
وقد تنبّه بعض الفلكيين من المسلمين لذلك الخطإ الرائج على ألسنة العوام، أعني الفلكي الطائر الصيت أبو ريحان محمد البيروني (362-440) حيث قال: إنّ عاشوراء هو عبراني معرّب يعنى: «عاشور» وهو العاشر من «تشرى» اليهود، الذي صومه صوم «الكبّور» وأنّه اعتُبر في شهور العرب، فجُعل في اليوم العاشر من أوّل شهورهم كما هو في اليوم العاشر من أول شهور اليهود، ثم نقل الرواية من أنّ النبي (ص) لما قدم المدينة. . . وقال: وهذه الرواية غير صحيحة؛ لأن الامتحان يشهد عليها وذلك لأنّ أوّل المحرم كان