12قلب الغير، و أيّ مطلبٍ أفيض على الغير فهو عارية ترجع إلى صاحبها، و لا مساس لها بالمستعير، فليس له أن يتفوّه بذلك إلاّ بعد التصريح بالاعارة و الاستعارة، لأنّ ذلك المطلب السامي، و إن كان مشهوداً للعارف، أو معقولاً للحكيم، إلاّ أنّ نقله ليس عرفاناً و لافلسفةً، إذ الناقل المستعير لا يكون عارفاً شاهداً، و لا حكيماً عاقلاً، إذ نقل الشهود و العقل أجني عنه منقوله. 
  فكما أنّ قارىء القرآن له أنْ يقرأ و يرقى، حيث يقال له: «إقرأ وارقَ» . 1ولا يختصّ ذلك بالآخرة، و إن كان هنالك بنحو أتم، بل يجري في الأولى أي الدنيا أيضاً، فكل الحاج و المعتمر و الزائر، و كل من يتّجه إلى الكعبة و يصلّي نحوها يقال له: طُفْ, زُر, صَلّ و أرْقَ من الكعبة إلى البيت المعمور، و منه إلى العرش، و منه إلى محتوى التسبيحات الأربع، و صير عبداً خالصاً ذا قلبٍ سليمٍ ليس فيه شيء سوى حُبّ الله، و حُبّ آثاره القيّمة من القرآن، و العترة (هم) الذين ورد فيهم أنّهم بمثابة الكعبة تُؤتى و لاتأتي؛ لأنّ الإمام لا يكون إلاّ كذلك. 
  إنّ الكعبة التي لم يذكر إلاّ بَضْعَة ممّا ورد فيها هي مدار حياة الأمّة و مماتهم وجوباً أو ندباً، من الصلاة، و الذبح، و النَحر، و الاحتضار، و التصلية، و الدفن، و ما إلى ذلك؛ فلذا يقال حيّاً و ميتاً: إنّ الكعبة قبلتي، كما يقال في الحالتين: إنّ القرآن كتابي و إنّ محمداً (ص) نبيّي و رسولي، و إنّ عليّاً و أولاده المعصومين الأحد عشر (هم) أئمّتي، و ما إلى ذلك من الأمور الدينيّة؛ فيلزم معرفتها بحيث لايضيع شيء من حقّها أوّلاً، ثمّ تجعل