61قلت: له مشهدٌ عظيم مشهورٌ ببغداد. دُفن معه فيه حفيده الجواد. ولولده عليّ بن موسى مشهدٌ عظيم بطُوس. وكانت وفاة موسى الكاظم في رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة. عاش خمساً وخمسين سنة وخلف عدّة أولاد. الجميع من إماء: عليّ، والعبّاس، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمّد، وعبيد الله، وحمزة، وزيد، وإسحاق، وعبد الله، والحُسين، وفضل، وسليمان، سوى البنات، سمَّى الجميع: الزبير في «النسب» .
انتهى كلام الذهبي.
بعد هذا كلّه، لم يبق من موانع قبول حديث الشيعة ورواياتهم إلاّ قضيّة وثاقتهم أنفسهم وصدقهم في مقالهم وإنّ المسلم المنصف إذا راجع تراجم الرجال ووصف الرواة في المعاجم المعدّة لذلك ليرى كوضح النهار أنّ شأن الشيعة في الوثاقة والصدق لا يقلّ - على الأقلّ - من شأن غيرهم من المسلمين الذين رووا، ولا أنّ أمرهم من ذلك أنقص - على الأقلّ - من أمر غيرهم; فترى أنّ أصحاب التراجم وكتب الرجال على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم يذكرون كثيراً من الشيعة ويعترفون لهم بصدق الحديث والأمانة في القول بعدما وصفوهم بالتشيّع في المذهب، وربّما سبّوهم أو لعنوهم لمذهبهم، ولكن لم يكن عندهم مجال للقدح فيهم من حيث الوثاقة ولا لهم مناص من الاعتراف بالصدق.
فلم يؤخذ عليهم إلاّ أنّ مذهبهم التشيّع ولا رأوا لهم زلّة إلاّ موالاتهم لأهل بيت نبيّهم (ص) ، وقد جمع الإمام السيّد شرف الدِّين العاملي في كتابه المراجعات ما يزيد على مائة ممّن وصف بالتشيّع مع الاعتراف من مخالفيهم لهم بالصدق والاعتماد إليهم في الحديث والركون إليهم في الرواية.
ويكفيك في هذا المجال أن تراجع كتاب الذهبي الذي قلّما يشذّ عن سبّه ولعنه شيعيّ أو ينجو من طعنه ولسانه موالي لأهل البيت (عليهم السلام) ، ومع ذا وذاك فاعترافه بوثاقة جمٍّ غفير من الشيعة بيِّن، ومصادقته لهم على الوثاقة في طيّات كتابه غير خفيّ، وكفى بذلك فضلاً.
قال الذهبي في سالم بن أبي حفصة العجلي الكوفي: رأى ابن عبّاس وروى عن الشعبي وطائفة; وعنه السفيانان ومحمّد بن فضيل.
قال الفلاّس: ضعيف مفرط في التشيّع، وأمّا ابن معين فوثّقه.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال ابن عدي: عيب عليه الغلوّ، وأرجو أنّه لا بأس به (51) .
أقول: إنّما عابوا عليه تشيّعه أو غلوّه حسب زعمهم.
وقال في محمد بن فضيل بن غزوان: كوفيّ صدوق مشهور; وثّقه ابن معين.
وقال أحمد: حسن الحديث شيعي.
وقال أبو داود: كان شيعيّاً محترفاً.
وقال ابن سعد: بعضهم لا يحتجّ به، وله تصانيف.
وقال النسائي: لا بأس به (52) .
أقول: ظنّي أنّ عدم احتجاج البعض لتشيّعه ولم يؤخذ عليه إلاّ ذلك وكم له من نظير.
وعلى أيّة حال، فهذا الذي أشرنا إليه غيضٌ من فيض في توثيق رجالات الشيعة بعد الاعتراف بتشيّعهم، ومن أراد الزيادة فليراجع كتب التراجم.