٣۵و قال الشيخ سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودّة: حُكي عن أبي المعالي الجويني الملقّب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي أنّه قال: رأيت مجلّداً في بغداد في يد صحّاف فيه روايات خبر غدير خمّ مكتوباً عليه المجلّدة الثامنة و العشرون من طرق قوله(ص) : من كنت مولاه فعليّ مولاه، و يتلوه المجلّدة التاسعة و العشرون ١.
ومتن الخطبة الشريفة يختلف في الروايات الحاكية لها، و كلّها تشتمل على قول رسول الله(ص) مخاطباً هذا الجمع العظيم:
«ألست أولى بكم من أنفسكم»؟
قالوا: بلى، فأخذ بضبع عليّ بن أبي طالب و رفعها حتّى رُئيَ بياض إبطيهما،
فقال: «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمَّ و الِ من والاه، و عادِ من عاداه، وانصر من نصره، و اخذل من خذله».
و في الاحتجاج و روضة الواعظين و العدد القويّة و اليقين ٢ ذكروا خطبة طويلة جدّاً للنبيّ العظيم في هذا المشهد العامّ، و بعض المؤلِّفين ذكر نصّاً متوسّطاً بين القصير و الطويل لهذه الخطبة؛ كابن المغازلي(۴٨٣ه) في المناقب كما مرّ، و ابن الأثير في أُسدالغابة ٣، و الشيخ أحمد أبوالفضل بن محمّد باكثير المكّي الشافعي(المتوفّى 1047ه) في وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ۴، والشيخ العاملي في ضياء العالمين عن كتاب الولاية للطبري المؤرِّخ ۵، و المتّقي الهندي في كنز العمّال ۶، والحمويني في فرائد السمطين ٧، و ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ٨، و ابن كثير في البداية و النهاية ٩، و ابن حجر في الصواعق المحرقة ١٠، و الحلبي في السيرة النبوية ١١، و الهيثمي في مجمع الزوائد ١٢، و القرماني في أخبار الدول ١٣، و بعض المحدِّثين و الرواة ذكروا فقط نقطة هامّة من هذه الخطبة؛ و هي قول رسول الله(ص) : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه.
و بعد إيراد هذه الخطبة قال الشاعر الشهير حسّان بن ثابت لرسول الله(ص) : ائذن لي يا رسول الله أن أقول في عليّ أبياتاً تسمعهنّ، فقال(ص) : قُل على بركة الله، فأنشد حسّان بن ثابت شعره المعروف:
يناديهمُ يوم الغدير نبيّهم بخمّ و اسمع بالرّسول مناديا
و قد روى هذه الأبيات الستّة العلامة الأميني في كتابه الغدير ١۴ عن اثني عشر من علماء أهل السنّة و عن اثنين و عشرين من علماء الإمامية، و نقلها عن كتاب سليمان بن قيس الهلالي و المولى محسن الفيض الكاشاني في «علم اليقين» ١۵ بزيادة أبيات أربعة، و قال بعد البيت الأوّل:
وقد جاء جبريل عن أمر ربّه بأنّك معصوم فلا تكُ وانيا
و بلّغهم ما أنزل الله ربّهم إليك و لا تخش هناك الأعاديا فقام به إذ ذلك رافع كفّه بكفّ عليٍّ مُعلن الصوت عاليا
و زاد بعد البيت السادس:
فياربّ انصر ناصريه لنصرهم إمام هدى كالبدر يجلو الدياجيا
ثمّ قال العلامة الأميني: و الذي يظهر للباحث أنّ حسّاناً أكمل هذه الأبيات بقصيدة ضمّنها نبذاً من مناقب أميرالمؤمنين٧ ١۶.
وفي ختام حديثنا عن هذه الخطبة الهامة، ولكي نرفع ما قد يتسرّب إلى نفوس البعض من الشك فيها نذكر شيئاً عن رواتها من الصحابة و التابعين، و ماأُلِّفَ في حديث الغدير، فنقول:
أوّلاً: روى حديث الغدير من الصحابة مئة و عشرون صحابياً منهم:
١. أبوبكر بن أبي قحافة التيمي:(المتوفى١٣ه).
٢. أبوهريرة الدوسي: (المتوفّى۵٧-۵٩ه).