20وقال الرسول الأكرم(ص) : «ماء زمزم، أفضل ماءٍ على وجه الأرض» 1، و قال أيضاً:
«ماء زمزم لما شُرِبَ له؛ من شربه لمرضٍ شفاه الله أو لجوعٍ أشبعه الله أو لحاجةٍ قضاها الله» 2 . و كان يقول بعد شرب ماء زمزم:
«اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داءٍ و سقمٍ» 3 . و قال الإمام الصادق(ع) بشأن الشفاء من ماء زمزم:
«ماءزمزم شفاءٌ من كل داءٍ» 4.
من هنا، يستحب استحباباً مؤكداً أن يشرب حجاج بيت الله الحرام من ذلك الماء، والتأسي برسول الله(ص) بقراءة هذا الدعاء: «اللهم اجعله علماً...» 5.
وكان الرسول الأكرم(ص) يستعمل ماء زمزم في مكة، وبعد أن هاجر إلى المدينة المنورة كان يستهدي ماء زمزم من الآخرين لشدة تعلقه به . ولهذا السبب كان الزائرون يجلبون معهم ماء زمزم عند عودتهم من مكة هدية للرسول الأكرم(ص) وكان يقبل منهم الهدية 6.
ملاحظة
من أسماء زمزم الأخرى، حفيرة عبدالمطلب، المضنونة والمصونة 7 . والسرّ في تسمية بئر زمزم بالمضنون 8 أو المصون أنه في برهةٍ من التاريخ و منذ أن استولت قبيلة خزاعة على مكة، دفنوا هذا البئر وأخمدوه، إلى أن تولّى عبدالمطلب شؤون مكة و أمر بإعادة حفره 9 غارت البئر و لم ينبع منها الماء.
إذن، فالسرّ وراء اشتهارها ببئر عبدالمطلب يعود إلى أن عبدالمطلب هو الذي أعاد فتح البئر وترميمه.
الصفا و المروة
الصفا و المروة اسمان لجبلين بالقرب من الكعبة . وهذان الجبلان من شعائر الله تعالى: إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ 10.
والسرّ في تسمية الصفا بهذا الاسم أنه اكتسب تسميته من وصف الأنبياء وبخاصة آدم(ع) ، و هم الذين اصطفاهم الله تعالى: إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرٰاهِيمَ وَ آلَ عِمْرٰانَ عَلَى الْعٰالَمِينَ 11.
قال الإمام الصادق(ع) : بعد أن هبط آدم(ع) على جبل الصفا وهو من صفوة الله تعالى، فإنّ الجبل صفا من صفوة الله واصطفاء آدم(ع) 12.
وعليه؛ فإن الذي يكسب الصفا من هذا الجبل هو ممن اصطفاه الله تعالى: اَللّٰهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّٰاسِ 13.
وقال الإمام الصادق(ع) بشأن السرّ في تسمية المروة بهذا الاسم: بعد أن نزلت حواء(س) وهي امرأة على جبل المروة، سمي ذلك الجبل «المروة» 14.
وقال بعض اللغويين: إن الصفا حجر أملس 15، والمروة يطلق على الحجر الناعم البرّاق، وتسمية الجبلين بالصفا و المروة إنّما هو بلحاظ نوع أحجارهما 16.
ونصب في الجاهلية اثنان من الأصنام على قمة الصفا والمروة، و اسمهما «أساف» (أثاف) و «نائلة» 17 حيث كان الناس يتمسحون بهما تبركاً أثناء السعي 18 . ولهذا السبب كان بعض المسلمين في صدر الإسلام يتجنب السعي بين الصفا و المروة . و لغرض إزالة هذا الوهم وتحاشيه قال الله سبحانه و تعالى: إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا .
ومن هذا المنطلق فإن الصفا والمروة كالكعبة؛ لأنهم جعلوا الكعبة في الجاهلية مقراً لأصنامهم غصباً، ولا ينبغي اعتبار ذلك مانعاً للطواف حول بيت الله.
والصفا و المروة من الرموز العبادية كسائر أماكن الحج ومناسكه؛ إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ ، والشعائر جمع «شعيرة» بمعنى العلامة . ولكن ليس معنى ذلك أن الصفا والمروة، هما من العلائم و الرموز التكوينية للحق تعالى فقط؛ لأنه بلحاظ التكوين، تكون جميع الموجودات من شعائر الله . فالصفا والمروة مثلها كمثل الكعبة وعرفات والمشعر و منى، شعائر جعلية و تشريعية و علائم عبادية.
عرفات
عرفات، منطقة خارج دائرة الحرم و بالقرب من المشعر الحرام الذي يقع فيه «جبل الرحمة» و «مسجد نمرة» . والوقوف في هذه البقعة من ظهيرة اليوم التاسع من شهر ذيالحجة الحرام إلى غروبه واجب على الذين عقدوا الإحرام لأداء حج التمتع، و هو من أركان الحج.
وهناك عدة وجوه وردت حول السرّ في تسمية هذه البقعة باسم عرفات:
1- أنّ آدم و حواء(عليهما السلام) تعرّفا على بعضهما البعض بعد الهبوط في تلك البقعة 19.