61للتضليل السياسي خطاب، ولإثارة الفتنة بين الناس خطاب، ولتغرير الناس وتجهيلهم خطاب، كذلك للوعي خطاب.
ولغة هذا الخطاب لغة العقل، وهي اللغة المفضّلة في خطاب الوعي... إن العاطفة جزء ضروري من خطاب الجمهور لاشك في ذلك، ولكن من الخطأ الاقتصار على العاطفة في خطاب الجمهور.. ولابد من استخدام لغة العقل في خطاب الناس، إلى جانب لغة العاطفة، ولابد أن تكون لغة العقل هي الحاكمة وهي الأصل، ولغة العاطفة تأتي في امتداد لغة العقل، ولإسناد العقل عندئذ يكون الخطاب العاطفي خطاباً صالحاً للجمهور... وأمّا عندما يتمحّض خطاب الجمهور في الخطاب العاطفي فلا يكون مثل هذا الخطاب خطاباً راشداً أميناً غالباً، ولا يكون قادراً على توجيه الجمهور إلى الوجهة الصحيحة...
إن مشكلة الخطاب الإسلامي المعاصر لدى أصحاب التوجهات الطائفية المعاصرة هي الحالة العاطفية الطاغية على هذا الخطاب والحالة الشعارية، ورفض لغة العقل، وحالة الانغلاق على الرأي الآخر، ورفض الطرف الآخر، رفضاً مطلقاً إلى حدود التكفير واستباحة الدماء التيحرّمها الله تعالى إلا بحقها، وقد يكون استجابة الجمهور أحياناً إلى الخطاب الشعاري والعاطفي أسرع من استجابتهم للخطاب العقلاني الرافض للعاطفة.. ولكن يبقى استخدام لغة العاطفة والشعار محضاً وحصراً في خطاب الجمهور - خيانة للجمهور مهما كانت استجابتهم لهذا الخطاب، واستخدام لغة العقل ومحكمات الدين في خطاب الجمهور هو الموقف الناصح الأمين من الجمهور، وإن واجهه الجمهور أحياناً بالرفض.