41وفي رواية اخرى: لو مدّ إلى ذي الحليفة لكان منه.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: لو زيدَ في هذا المسجد ما زيدَ لكان الكلّ مسجدي.
وفي رواية اخرى: أو بنى إلى صنعاء.
وفي اخرى: ما زيد في مسجدي فهو منه ولو بلغ ما بلغ 1.
وفي التاريخ القويم: ونقل الشيخ وليّ الدِّين العراقي في شرح تقريب الأسانيد أنّ التضعيف - يعني مضاعفة الثواب - في المسجد الحرام لا يختصّ بالمسجد الذي كان في زمن النبيّ(ص) بل يشمل جميع ما زيدَ فيه؛ لأنّ المسجد الحرام يعمّ الكلّ 2.
ثمّ إنّ ممّا يؤكّد انطباق العناوين الخاصّة على الحالات المستحدثة كصدق مسجد النبيّ(ص) على التوسعة الجديدة وترتّب أحكام تلك العناوين عليها بما لها من الحالات الحادثة هو وقوع التغيير في مثل تلك العناوين في عصور الأئمّة(عليهم السلام) فقد وسّعوا المسجد الحرام ومسجد النبيّ(ص) ونحوهما؛ فلو فرض أنّ المسجد الحرام كان مخطّطاً من زمن إبراهيم(ع) بما يشمل التوسعات في عصر المعصومين إلاّ أنّ مسجد النبيّ(ص) لم يكن كذلك؛ بل الحدّ الذي بناه رسول الله(ص) مرّة بعد اخرى هو معلوم وقد زاد رسول الله(ص) في سعة المسجد بعد ضيقه لزيادة المسلمين وكثرتهم، وقد وسّع المسجد بعده، فلو كان حكم المسجد النبويّ خاصّاً بالقسم المبني في حياته(ص) ولم يعمّ سائر المسجد لنبّه على ذلك في النصّ ليقتصر الناس في درك الفضائل الخاصّة بالمسجد وترتيب الأحكام المخصوصة على خصوص القسم المبني أيّام حياة النبيّ(ص)، فتأمّل.
ثمّ إنّ ما ذكرناه هو ما تقتضيه القاعدة؛ ولا ينافي قيام الدليل على خلافه أحياناً. كالذي ورد في تحديد مكّة بلحاظ بعض الأحكام لاختصاصها بمكّة في حالتها القديمة ومقدارها في زمان خاصّ؛ وأنّ المحرم بالحجّ من المواقيت البعيدة - غير أدنى الحل - إذا نظر إلى بيوت مكّة قطع التلبية منبّهاً على أنّ الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن وأنّ العبرة بالبيوت السابقة لا المبنيّة بعد ذلك كالأبطح الذي هو جزء من مكّة الفعليّة؛ فإنّ هذا النصّ يؤكّد ما ذكرناه من القاعدة؛ وإنّما يدلّ على حكم خاصّ على خلاف القاعدة؛ فيختصّ بمورد النصّ وهو حدّ التلبية ولا يتعدّى منه إلى سائر الأحكام والتي منها الإحرام للحجّ حيث كان ميقاته مكّة فيرجع فيه إلى ما اقتضته القواعد.
هذا مع احتمال كون الحكم في حدّ التلبية بمكّة القديمة طبقاً للقواعد؛ وذلك لعدم كون موضوع الحكم أو قيده عنوان مكّة ليكون مقتضى القاعدة شموله لمكّة بحالتها الجديدة؛ بل كان موضوع الحكم قضيّة خارجيّة والتي لا إطلاق فيها؛ مثلاً: كان الحكم: أنّ رسول الله(ص) لمّا نظر إلى بيوت مكّة قطع التلبية فإنّ هذا لا يستدعي كون الموضوع بيوت مكّة كقضيّة حقيقيّة؛ لأنّ ما كان من النبيّ(ص) قضيّة خاصّة، فلعلّ الموضوع هو البُعد الخاص عن المسجد الحرام والذي لا يختلف باختلاف مكّة سعةً وضيقاً.
فهو نظير نزول النبيّ(ص) بالأبطح، فربّما كان ذلك باعتبار كونه خارج مكّة لا لكونه الأبطح وهكذا.
وممّا يدلّل على عدم موضوعيّة بيوت مكّة، معتبرة أبي خالد مولى عليّ بن يقطين قال: سألت أبا عبدالله(ع)عمّن أحرم من حوالى مكّة من الجعرانة والشجرة من أين يقطع التلبية؟ قال:
«يقطع التلبية عند عروش مكّة، وعروش مكّة ذي طوى» 3.
فكان النظر إلى بيوت مكّة طريقاً إلى عروش مكّة وذي طوى، فالموضوعيّة لذي طوى لا لمكّة.
ونحوها
معتبرة البزنطي عن أبي الحسن الرضا(ع) أنّه سُئل عن المتمتّع متى يقطع التلبية؟ قال: إذا نظر إلى عراش مكّة: عقبة ذي طوى. قلت: بيوت مكّة؟ قال: «نعم» 4.
وعلى هذا كان ما تضمّن تعليق الحكم على بيوت مكّة من قبيل المشير لا القضيّة الحقيقيّة كما في معتبرة الحلبي
عن أبي عبدالله(ع)قال: «المتمتّع إذا نظر إلى بيوت مكّة قطع التلبية» 5.
ونحوها غيرها.
والرواية المشار إليها المتضمّنة للحكم المتقدّم هي معتبرة معاوية بن عمّار. قال:
قال أبوعبدالله(ع): «إذا دخلت مكّة وأنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية؛ وحد بيوت مكّة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين؛ فإن الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن». الحديث 6.
هذا مع أنّ ما ذكرناه من قضيّة القاعدة في البلاد من أنّه باختلاف البلد سعة في الأزمنة يختلف الحكم إنّما هو إذا لم تكن الوسعة موصوفة بعنوان بلد آخرونحوه، فلو اتّصل بلدان أحدهما بالآخر لا يعمّهما عنوان كلّ منهما، بل يكون كلّ من العنوانين خاصّاً بموضعه القديم وقبل الاتّصال.
وربما يظهر من بعض النصوص أنّ قصور مكّة عن المحدثات لذلك؛ ففي معتبرة زرارة عن أبي عبدالله(ع)قال:
سألته أين يمسك المتمتّع عن التلبية؟ فقال: «إذا دخل البيوت بيوت مكّة، لا بيوت الأبطح» 7.
ونظير ذلك في كونه على خلاف الأصل ما ورد في كراهة النوم في المسجد الحرام وتخصيص الحكم بالحدّ القديم للمسجد وعدم شموله للتوسعة الحديثة.