71لأنّ أقصى ما تفيده لزوم الرجوع إلى النبي صلى الله عليه و آله أو الإمام لكي يوضح لنا مدلول القرآن، وهذا المقدار أقرب إلى البيان القولي منه إلى الفعل، بحيث يُشبع البيانُ القولي - وهو القدر المتيقّن - الحيثية التي فيه.
4- وأما ما دلّ من الروايات على لزوم إطاعة الرسول صلى الله عليه و آله، فحاله حال الآيات القرآنية، وقد بيّنا هناك أنّ الآيات لا يتحقّق مضمونها إلا عبر الأمر والنهي، وهما في الأصل من مقولة البيان القولي.
5- وأما ما دلّ على لزوم اتباع سنّة الرسول صلى الله عليه و آله وإحيائها، فهو يدلّ على حجيّة الأفعال النبوية التي تتحوّل إلى سيرة قائمة، لا مطلق الأفعال، لظهور السنّة في السيرة لا مطلق القول والفعل والتقدير، كما أشرنا إلى ذلك في محلّه.
6- وأما ما دلّ على الاستماع إلى حديث النبي ونقله وحفظه. . فكلّه ظاهر في خصوص القول، ولا أقل من عدم ظهوره في الفعل.
وبهذا ظهر أنّ طوائف الروايات لا تدلّ على حجيّة الأفعال، نعم قد يدلّ بعضها - مثل الطائفة الخامسة - على حجيّة ما تحوّل إلى سيرة نبوية، إلا أنه رغم ذلك كلّه لا ينفع؛ لعدم وجود أخبار تفيد الوثوق بالصدور، وروايات الطائفة الخامسة ليست بهذه المثابة، فلا دليل في الحديث على حجيّة الفعل النبوي.
د. وأما دليل تعذّر العمل بالقرآن وحده:
فهو لا ينفع هنا؛ لأن تمام المحاذير التي أبديت هناك ترتفع بالعودة إلى السنّة القولية، مثل عدم إمكان فهم القرآن، أو عدم إمكان استخراج العبادات منه وأمثال ذلك، فالسنّة القولية، وهي القدر المتيقن من حجيّة السنّة، تُشبع حيثية هذا الدليل، مما لا يجعله ملزماً في مجال السنّة الفعلية، بعد أن كانت السنّة القولية المقدارَ المتيقّن في الحجية.
ه. وأما الدليل الخامس:
فقد ذكرنا هناك أنه لا يقدّم جديداً غير ضمّ عصارة الأدلّة السابقة عليه، فلا يُعطي أزيد منها، فيرد عليه ما يرد عليها، فلا نعيد.