64ومنها ما ذكر في تاريخ الطبري وابن الأثير فيما يتعلّق بالسنة السادسة للهجرة وكتاب صلح الحديبية ما يفيد أن النبي صلى الله عليه و آله رفع العهد وكتب كلمة بيده، رغم أنه لم يحسن الكتابة.
والمحتمل قوياً أن يكون قول: ليس يحسن يكتب، من اجتهاد بعض الرواة في بعض الطبقات.
الوجه الثالث: قوله تعالى: «رَسُولٌ مِنَ اللّٰهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً» 1، فإن تلاوة الصحف ظاهرة في قراءتها عن نظر إليها لا عن ظهر القلب؛ فإنه فرق بين تلاوة الآيات كما في غير هذه الآية وبين تلاوة الصحف.
ويمكن الاستدلال لقدرته صلى الله عليه و آله على القراءة بما تضمّن استحباب قراءة القرآن من المصحف حتى لمن حفظه ويتمكّن من قراءته عن ظهر الغيب، فكيف كان النبي صلى الله عليه و آله تاركاً لهذا الأمر، مع أن التكلّم للقراءة أمر بسيط سهل لا يحتاج إلى مؤونة كثيرة.
فقد تحصّل مما تقدّم أن الأسناد والمدارك المعتبرة ومنها النصوص الكثيرة واضحة الدلالة على أن النّبي صلى الله عليه و آله بعد الرسالة كان يقرأ ولم يكن أُمّياً، سواء فرض أنّه باشر الكتابة كما في بعض النصوص أو لم يباشرها.
هذا ما تيسّر لنا إيراده في هذه المسألة منذ زمن بعيد وأسأله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وذخراً، وأن يجعل ثوابه لوالديّ اللذين لهما عليّ الحق العظيم، وقد أردف اللّٰه تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته، غفر اللّٰه لنا ولجميع المؤمنين بمحمد وآله الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد للّٰهربّ العالمين.