178منه، ولكنه الشعر. . والشعر ما أكذبه! ! . .
إلا أن هذا الشعر وذاك الشاعر وهذا القصيد يكون مختلفاً جداً حين يكون رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله موضوع القصيد، حينما يكون ممدوحهم خاتم الأنبياء وسيدَ الأنام، عندما يصبح موضوعهم ومحور أدبهم وشعرهم من وصفته السماء:
« وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» 1.
وحقاً ماقالوه:
أثنى العظيمُ عليك في آياته
ومهما يقول فيه الشعراء يبقى ما يقولونه - وإن علا وسما - دون وصف السماء له، ودون ما حمّلته إياه بمراتب عظيمة جداً، ودون ما يتحلى به من خلق عالٍ وسيرة عطرة وجهاد دؤوب. . ويبقى الشاعر - مهما كان قديراً - مقصّراً في وصف ما يستحقه رسول الرحمة والخير والعطاء والمغفرة. . مهما أجهد نفسه وفكره ولسانه وقلمه في مدحه صلى الله عليه و آله، ويقف الجميع وكل ما ينشدونه و يتفوّهون به شعراً أو نثراً عاجزاً عن إيفاء جزء مما يمتاز به ويتحلّى به ممدوحهم رسول السماء من آداب سامية وأخلاق عظيمة وشمائل نادرة ومواقف كبيرة وتضحيات جسام. .
وعليه، فإن هذا النوع من مديحهم يأتي دائماً بعيداً عن المزاعم الكاذبة والادعاءات الباطلة، ونجده خالصاً من الشوائب والمطامع الرخيصة المرجوة من مدح سلطان أو زعيم أو ثري، بل ولا مكان فيه لزخارف الأقوال، إنه كلمات خالصة بعواطف صادقة وألفاظ دقيقة ومعاني رائعة وجمال تصوير وحسن سبك وبراعة نظم. .
لهذا ولغيره، سجل هذا النوع من المديح مكانةً مرموقة ومنزلة رفيعة