65وانتقال الحكم - وهو الصلاة إليه - معه ثبت قطعاً أن الحكم يتعلق به لا بالموضع ، هذا بالنسبة إلى الموضع الأصلي فكيف بالموضع الفعلي؟!
فتأخير المقام هذا اليوم أيضاً قطعاً عمل بكتاب اللّٰه تعالى الآمر بالتهيئة للطائفين أوّلاً وللعاكفين والمصلّين بعدهم ، واتّباع لسنّة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حق الاتّباع بالنظر إلى المقصود الشرعي الحقيقي؛ وإنه لا يخدش في ذلك أن فيه مخالفة صوريّة؛ وكذلك هو اتّباع لسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين وإجماع المسلمين؛ لأن الحكم يدور مع علّته ، ولكن لابدّ أن يكون تأخير المقام بمثل عمل الصحابة مع ما راعوه ، يعني بالشروط الثلاثة: عدم إخراجه عن المسجد ، وعن المحاذاة للموضع الأصلي ، وعدم البعد المفرط عن البيت إلّا بمقدار الحاجة .
هذا آخر ما لخصناه من رسالة المحدّث العلّامة عبدالرحمن بن يحيى المعلّمي اليماني المتوفى سنة 1386ه ، والتي قرّظها واستحسنها ووافق على مضامينها العلّامة الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعوديّة .
أقول : بالرغم من أن النتيجة التي انتهى إليها المعلّمي في رسالته لا نرتضيها حسبما تقدم منّا أيضاً ، ولكن الرسالة هذه حاكية عن فضل مؤلّفها وقوّة قريحته وحسن فهمه؛ فهو على مباني أهل السنّة جيّد المشي قويّ الاستدلال ، فلذا كانت رسالته أهلاً للإيراد؛ ونحن إنما لا نقول بالنتيجة التي توصل إليها من جواز نقل المقام إلى موضع ثالث غير الموضع الأصلي والموضع الفعلي؛ لأن جواز كون المقام في الموضع الفعلي أيضاً لا نقول به حسب مبانينا ونصوصنا . ولو كان الموضع الفعلي أمراً جائزاً فالنقل الثاني بما ذكر له من الشروط لم يكن أمراً بعيداً .
فعمدة الخلاف بيننا وبين المعلّمي ومن هو على مذهبه هو هذه النقطة وهو أن كون المقام في الموضع الفعلي الذي كان بفعل عمر حسبما اعترف به هو وغيره من منصفي أهل السنّة هل كان جايزاً ويجوز إبقاؤه الآن أيضاً أو لا؟
وقد سبق أن نصوصنا صرّحت بأن نقل المقام كان بدعةً في لغة رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله ،