47المسجد الحرام حسب بنائه الأصلي ، فلا داعي لتمكين عدد أكبر وأكثر ليسبّب مشاكل لا داعي لها كالزحام الموجب لقتل النفوس وغيره .
ثم إنه لو قيل بوجوب توسعة المسجد والمواقف ، تمكيناً للمكلّفين من أداء نسك الحج والعمرة ، فالظاهر توظيف الحاكم والمتولي للأمر بذلك .
والسرّ في ذلك أن التكاليف التي لا يمكن لعامّة الناس التصدي لها ، لاستلزام تصدّي العامة لها اختلال النظم والتشاجر وعدم الانضباط ، فالمكلّف بها في الحقيقة هو إمام المسلمين ومتولّي أمرهم؛ وذلك جمعاً بين وجوب الشيء وبين عدم إمكان تصدي الأفراد له؛ فيكون الدليل الدال على وجوب مثل هذه الأمور دليلاً على وجوبها على الحكّام؛ وإن كان المتصدّي للأمر يأخذ مؤونة تلك الأعمال من أفراد المكلّفين؛ ولكن المتصدّي للواجب هو الحاكم لا أفراد المكلّفين؛ دفعاً للهرج واختلال النظم وغير ذلك من المفاسد .
ومن هذا القبيل توسعة المشاعر للحج لو قيل بوجوبها .
ولكن تقدم أنه لا موجب لوجوب ذلك؛ إذ لم يعلم ثبوت غرض للشارع في تمكين عدد أكبر ممن تسعهم المشاعر بوضعها الفعلي؛ ولا أنه يساعد على الدلالة على وجوب ذلك إطلاق أدلة وجوب الحج بعد كونه مقيداً بتمكّن المكلّف ومشروطاً بذلك كاشتراط كل واجب سواه بالتمكّن من العمل .
هذا بالغض عمّا دل على أن المهدي عليه السلام إذا ظهر يردّ المسجد إلى وضعه الأصلي مما يدل أو يشعر بعدم جواز توسعة المشاعر فضلاً عن وجوبها .
وقد ظهر بما ذكرنا الوجه في اختصاص بعض التكاليف بالحكّام بعد إطلاق الأدلة - لو كان - كالحدود ، فإنها لو كانت مسوقة لبيان إطلاق الوجوب - لا أصل الوجوب خاصّة - فلابد أن تحمل ولو تقييداً على خصوص الحكّام؛ دفعاً لمحذور اختلال النظم ووقوع المفاسد العظيمة بالمشاجرات وغيرها لو كان المباشر لتلك التكاليف عامّة الناس .