11الأمر بين هدم الكعبة وهدم الحقّ فإن الكعبة تغدو حينئذٍ قرباناً فداءاً للحق .
ولتوضيح الأمر لابدّ من القول : للحرم أحكام تبيّن عزّته وفضيلته ، وتمام هذه الأحكام ناتج عن حرمة الكعبة وعزتها ، وشاهد ذلك ما جاء في الرواية عن أميرالمؤمنين عليه السلام حول سرّ الوقوف في عرفات ، وعدم وجوب الوقوف في الحرم حيث قال : «لأن الكعبة بيته ، والحرم بابه ، فلّما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرّعون» ، ثم سئل الإمام عليه السلام عن جعل المشعر الحرام من الحرم فقال : «لأنّه لما أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني ، فلمّا طال تضرعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم ، فلمّا قضوا تفثهم تطهّروا بها من الذنوب التي كانت حجاباً بينهم وبينه أذن لهم بالزيارة على الطهارة» 1 .
وعليه ، فحرمة الأرض التي احترم اللّٰه كلّ ما فيها إنما جاءت من حرمة الكعبة نفسها ، إلّا أنّه مع كون الكعبة القبلة الوحيدة ، ومطاف العالمين ، وموت المسلمين جميعهم إلى جهتها ، والقصد إليها قصدٌ للهجرة إلى اللّٰه سبحانه ، وأيضاً رغم أنّ لمكّة خصائص فقهية وسياسية ثابتة ، تفتقدها سائر الأماكن والبقاع والمدن ، ورغم أن للحج ومواقفه أبعاداً سياسية - عبادية تفتقدها بقية العبادات . . .